حكم الاستهزاء بالناس
إن مما عم وانتشر بين الناس في معظم مجالسهم وتجمعاتهم هي آفة السخرية والاستهزاء بالآخرين، وهذا مرض اجتماعي سيء، وحكمه التحريم في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.[١]
حيث قال -تعالى-: (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)،[٢]فالاستهزاء بالآخرين فضلاً عن أنه أمر محرم فهو أيضاً خطير على دين المرء بل محبط لعمله.[١]
مفهوم الاستهزاء
الاستهزاء لغة: لفظة مشتقة من ألفاظ العرب -استهزأ يستهزئ-، وهو مكون من الجذر (هـ - ز - أ) الذي يشير إلى السخرية، أو على مزح في خفاء وستر، أو على سبيل التسلية والسخرية،[٣]والاستهزاء في الاصطلاح: هو السخرية والاستهانة، والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء.[١]
وعرفه أيضاً ابن تيمية -رحمه الله- فقال: الاستهزاء هو السخرية واستعمال الأقوال والأفعال على الهزل واللعب والاستخفاف لا على الجد والحقيقة، فالذي يسخر بالناس هو الذي يعيب ويقدح أحوالهم وأخلاقهم وأفعالهم؛ قدحاً يتجاوز عن درجة الاحترام والكرامة، قاصداً الانتقاص والإهانة للآخرين.[٤]
أقسام الاستهزاء
والاستهزاء قسمان، وبيان ذلك كما يأتي:[٣]
- الاستهزاء الصريح
وهو ما كان صراحة بألفاظه وأقواله وأفعاله، لا يختلف عليه اثنان.
- الاستهزاء غير الصريح
وهو ما كان بالإشارة والتلميح، والهمز واللمز؛ عندما يسمع الآخرين يتكلمون أو يقومون بعبادة ما.
أضرارالاستهزاء
الاستهزاء بكل أشكاله وصوره منكر ومذموم، وغاية في القبح والظلم والعدوان، وله آثار ومضار على الفرد والمجتمع، ومن أضراره ما يأتي:[٥]
- علامة وبرهان على الاستكبار واحتقار الآخرين.
- سبيل يؤدي إلى النّار، وغضب الله -تعالى-.
- هجر النّاس للمستهزئ، ومقاطعته لعدم سلامتهم منه.
- يبعد صاحبه عن قبول الحقّ والانصياع له، ولا يقبل النصيحة والإرشاد.
- ينتشر بين العصاة وأراذل الأقوام.
- برهان على أنّ صاحبه أعمى البصيرة لا يرى ما أنعم الله -تعالى- على غيره.
- علامة دالة على جهل صاحبه؛ لأنّ من علم بقدر الله -تعالى- لم يحتقر الناس.
- يساعد على انتشار البغضاء والعداوة في الأمّة.
- حُصُول الذل والهوان للمستهزئ.
وورد أيضاً في كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية أضراراً عديدة لآفة الاستهزاء ومنها ما يأتي:[٦]
- تنشأ الأحقاد والأضغان في الصدور.
- يحبط العمل وينقص حسنات صاحبه في الآخرة.
- يساعد على تفكّك روابط المجتمع.
- يقرب العقوبة لصاحبه، فقد كان الغرق عقوبة قوم نوح الّذين استهزؤوا بنوح ومن معه.
- يفقد صاحبه الوقار والاحترام وتسقط عنه المروءة.
- يخالف بمبدأ تكريم الإنسان على وجه الخصوص.
- يميت القلب ويجعل صاحبه من الغافلين.
- الاستهزاء من صفات وأخلاق الكفّار والمنافقين، وقد نهينا عن التّشبّه بهم.
- المستهزئون من النّاس في الدّنيا الله -تعالى- يستهزئ ويسخر بهم في الدنيا قبل الآخرة.
- الاستهزاء مرض من أمراض الجاهليّة يجب تجنبه والبعد عنه.
المراجع
- ^ أ ب ت عبد الملك بن قاسم، كتاب أحصاه الله ونسوه، صفحة 88 - 89. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:11
- ^ أ ب أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 363 - 364. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 280.
- ↑ مجموعة مؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3883. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 286. بتصرّف.