ذكر الله تعالى
إنَّ ذكر الله تعالى يُعدُّ من الطاعات التي يؤجر عليها العبد المسلم في كل وقتِِ وحين، وقد ورد تعريف الذِّكر في اللغة بعدة معاني منها: الشيء الذي يجري على اللسان فيُقال: ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْرًا، وقال أبي العباس: الذكر الصلاة والذكر قراءة القرآن والذكر التسبيح والذكر الدعاء والذكر الشكر والذكر الطاعة،[١] وورد في معنى قوله تعالى: {ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ}،[٢] أنّ فيه وجهان: أَحدهما أَن ذكر الله تعالى إِذا ذكره العبد خير للعبد من ذكر العبد للعبد، والوجه الآخر أَن ذكر الله ينهى عن الفحشاء والمنكر أَكثر مما تنهى الصلاة،[٣] ولذلك بيّن النّبي -صلّى الله علّيه وسلم- أنّ الذاكر لله ينال معيته والفوز بجنانه، فالذكر شفاء ورحمة للمؤمنين وسببٌ في رفع البلاء وجلب الخيرات ولمجالس الذكر الأجر العظيم فهي سبب في حفظ اللسان وإحياء القلوب،[٤] وسيتم في هذا المقال الحديث عن فضل التسبيح وحكم التسبيح بالمسبحة في الإسلام.
حكم التسبيح بالمسبحة
شُرع التسبيح بالقلب واللسان على العبد المسلم وحتى لا يغفل عن التسبيح قد يضطر إلى استخدام المسبحة؛ فما حكم التسبيح بالمسبحة، وقد عُرفت المسبحة في اللغة بـأنها: جمع مسابِحُ و سُبْحَة: وهي خرزات منظومة في خيط يعدّ بها المسبِّحُ أو المصلِّي مرّات التسبيح،[٥] فهي تستخدم لضبط عدد التسبيح ولذلك ذهب العلماء إلى القول بأنها ليست بدعة دينية وإنّما هي وسيلة وليست مقصودة فأجازها بعضهم، وذهب بعضهم بأنّ تركها أولى، والأفضل أن يعقد الإنسان التسبيح بالأنامل والأصابع،[٦] بدليل قول رسول الله -صلّى الله علّيه وسلّم- أنّه قال: "اعقِدنَ بالأناملِ، فإنَّهنَ مسئولاتٌ مستَنطَقاتٌ"،[٧] لذلك إنّ الأنامل هي التي ستشهد لصاحبها يوم القيامة بهذا التسبيح، ومن الجدير بالذكر أنّ استخدام المسبحة في بعض الأحيان قد يجعل عند العبد بعضًا من الرياء والغفلة في القلب؛ لانشغاله بأمور الدنيا رغم حمله للمسبحة بيده، فتكون هذه البدعة سببًا لإضاعة ما هو واجب وذهابًا للأجر والثواب، فلا يجوز ذلك ويجب التنبه إليه.[٨]
فضل التسبيح
بعد معرفة حكم التسبيح بالمسبحة وأفضلية التسبيح باليد والأنامل سيتم بيان فضل التسبيح وما ورد ذكره في الكتاب والسنة النبوية، فالتسبيح هو: "الكلام الذي يدل على تنزيه الله -عزّ وجلّ- عن كل النقائص"،[٩] فهو ذو شأن عظيم وأجرِِ كبير ولذلك كانت كلمة "سبحان الله" من أجّل الأذكار المقربة إلى الله ومن أفضل العبادات، فقد ورد ذكر التسبيح في القرآن بأكثر من ثمانين مرة وبصيغ مختلفة، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}،[١٠] فالتسبيح بابٌ واسع للثواب فيستطيع العبد التسبيح عقب الصلوات وأول النهار وآخره وعند النوم بدليل الأحاديث الواردة في ذلك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: " مَن قالَ: حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِئَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَومَ القِيَامَةِ، بأَفْضَلَ ممَّا جَاءَ به، إِلَّا أَحَدٌ قالَ مِثْلَ ما قالَ، أَوْ زَادَ عليه"،[١١] وقال رسول الله: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَومٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِن جُلَسَائِهِ: كيفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قالَ: يُسَبِّحُ مِئَةَ تَسْبِيحَةٍ، فيُكْتَبُ له أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عنْه أَلْفُ خَطِيئَةٍ".[١٢][١٣]
المراجع
- ↑ "لسان العرب- الذكر"، books.google.jo. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.
- ↑ "تعريف ومعنى الذكر"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "منزلة حياة القلوب"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى مسبحة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020.
- ↑ "هذا لمن يجوز التسبيح على المسبحة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن يسيرة بنت ياسر، الصفحة أو الرقم: 5569، صحيح.
- ↑ "ما حكم استخدام المسبحة"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "معنى التسبيح"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 41-42.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2692، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 2698، صحيح.
- ↑ "فضل التسبيح والذكر"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.