حق المولود في التسمية
ذات يوم جاء رجل إلى عمر بن الخطاب -رضي اللّٰه عنه- يشكو ابنه، فأمر أمير المؤمنين بإحضار الولد وأنّبه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على والديه، قال: بلى، قال: فما هي؟ قال: أن ينتقي أمّه، ويُحسن اسمه، ويعلّمه الكتاب، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين فإنّه لم يفعل شيئًا من ذلك؛ أمّا أمّي فإنّها زنجيّة كانت لمجوسي، وسمّاني جُعلًا، ولم يُعلّمني من الكتاب شيئًا، فقال عمر للأب: أجئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقّك، وأسأت إليه قبل أن يُسيء إليك، هكذا يتّضح أنّ حقّ المولود في الاسم من أعظم حقوقه على والديه، وسيتحدّث هذا المقال فيما يأتي على حكم التسمية باسم ود.[١]
حكم التسمية باسم ود
إنّ الأسماء في الإسلام تخضع لمقياس التحريم والإباحة بحسب مناسبتها لمبادئ التسمية في الشريعة الإسلاميّة، واسمُ وِد من الأسماء المحببة في الإسلام؛ إذ إنّ معناه المحبّة كما جاء في المعاجم،[٢] وهو من هذا الوجه جائز شرعًا ولا بأس فيه، ولكن قد ينادي بعضهم الفتاة التي اسمها وِد بقوله: يا وُد، وهُنا قد ضمّ الواو، ما يعني تغيير معنى الاسم تمامًا، فـ وُد هو اسم صنم كانت العرب تعبده، وقد ورد في سورة نوح قوله تعالىٰ: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}،[٣] ومن الواضح أنّ ودًّا هو اسم صنم كان المشركون يعبدونه من دون اللّٰه هو وعدّة أصنام أخرى هي: يغوث ويعوق وسواع ونسر، وهؤلاء كانوا من الصّالحين من قوم نوح، فلمّا ماتوا وسوس الشّيطان للنّاس أن اعبدوهم، وهذا الاسم وإن كان في الأصل لعباد صالحين، إلّا أنّ الاسم قد صار رمزًا لصنم قد عبده النّاس من دون اللّٰه، وعليه فالاسم تحرم التّسمية به، لأنّ التّسمية باسم الأصنام محرّمة في الإسلام.[٤]
الصنم ود
بعد الوقوف على حكم التسمية باسم وِد فلا بأس بالوقوف على قصّة الوثن وُد، والأصنام الأخرى معه المذكورة في الآية الكريمة السّابقة، جاء في تفسير ابن جرير الطبري: وكان من خبرهم فيما بلغنا ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمد بن قيس: {وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} قال: كانوا قومًا صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم![٥]
مكان الأصنام ونشأة عبادة الأوثان
يُضيف الطّبري في تفسيره أيضًا إنّ ودًّا كان لِحَيٍّ من كلب بدومة الجندل، وسواع كانت لهُذيل برياط، وكان يغوث لبني غطيف من مراد بالجرف من سبأ، وكان يعوق لهمدان ببلخع، وكان نسر لذي كلاع من حمير؛ وكانت هذه الآلهة يعبدها قوم نوح، ثم اتخذها العرب بعد ذلك، وقد اختُلِف في ضبط كلمة ود، فقرّاء المدينة قرؤوا وُدًّا بضم الواو، وجمهور البصرة والكوفة قرؤوا بالفتح؛ أي بفتح الواو، وقد كان ذلك الوقت هو بداية عبادة الأوثان، وقد ذكر البخاري في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: إنّ أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تيك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة"، والله أعلم.[٦]
المراجع
- ↑ "إلى الآباء! قبل أن يفلت الزمام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "معنى اسم ود في قاموس معاني الأسماء"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية: 23.
- ↑ "آداب تسمية الأبناء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير الطبري"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير الطبري"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.