الجماع
يُعرَّف الجِماع على أنّه ما يتم بين الزجين من عملية جنسية يتم من خلال إشباع الغريزة الجنسية عند الإنسان وعند غيره من الكائنات الحية أيضًا، ويعتبر الجِماع في الإسلام محرمًا إذا لم يكن بين الأزواج ويُطلق عليه اسم الزنا إذا تمَّ من غير زواج، وقد وضع الإسلام حدًّا للزنا لِيَحدَّ من انتشاره ولينظم الغريزة الجنسية عند البشر وفق ما يُرضي الله -سبحانه وتعالى-، جدير القول إنَّ الله تعالى وضع أجرًا لمن يقضي شهوته في الحلال وهذا ما صحَّ في حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث قال: "أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ"[١]، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على حكم الجماع في الدبر في الإسلام.[٢]
حكم الجماع في الدبر
لقد فصَّل الإسلام في أمور الجماع ليبين للناس وكي لا يكون الناس في حيرة من أمرهم في هذه المسألة التي يتعرَّض إليها كثير من الناس، ويمكن القول في حكم الجماع في الدبر إنَّ هذا العمل يعتبر كبيرة من الكبائر في الإسلام، لأنّ مكان الحرث والجِماع هو القُبل وليس الدُبر، وقد أحلَّ الله تعالى للناس أجمعين إتيان أزواجهنَّ من القُبل بغض النظر عن طريقة الجماع، بشرط أن يكون الإيلاج في القُبُل، قال تعالى في سورة البقرة: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[٣]، وأمَّا حكم الجماع في الدبر فقد استدلَّ أهل العلم في تحريمه على حديث حسن رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "ملعونٌ من أتى امرأتَهُ في دبرِها"[٤]، وقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: "واتَّفقَ العلماءُ الذين يُعتَدُّ بهم على تحريمِ وطءِ المرأةِ في دُبُرها حائضًا كانت أو طاهرًا"، والله تعالى أعلم.[٥]
كفارة الجماع من الدبر
لم يفرض الشرع على من أتى زوجته من دُبرها كفارة، فهذا الفعل لا تكفره إلَّا التوبة الصادقة والندم الشديد والرجوع عن مثل هذا الفعل، وقد قال الشيخ ابن باز: "وطء المرأة في الدبر من كبائر الذنوب، ومن أقبحِ المَعاصي، لما ثبَتَ عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا"[٤]"، وجدير بالقول إنَّه يجب على من أتى بمثل هذا الفعل أن يتوب توبة نصوحًا، وأن يقلع عن هذا العمل وأن يستغفر الله تعالى وأن يكون على يقين تام أنَّ الله تعالى يغفر الذنوب والآثام، قال تعالى في سورة طه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ}[٦]، فعلى الإنسان أن يتوب ويعمل صالحًا؛ فالتوبة مقرونة بالإقلاع عن الذنب وبالعمل الصالح، قال تعالى في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[٧]، والله تعالى أعلم.[٨]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1006، صحيح.
- ↑ "الجماع"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 223.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح أبي داود ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2162، حسن.
- ↑ "إتيان الزوجة في دبرها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية: 82.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 68-69-70.
- ↑ "هل لإتيان المرأة في الدبر كفارة؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.