حكم الخلع بدون سبب

كتابة:
حكم الخلع بدون سبب
الخُلع في اللغة من النزع والتجريد، والخلع شرعاً هو الفراق الحاصل بين الزوجين بتراضيهما، بلفظ الخلع، أو ما في معناه، مقابل بدل وتعويض مادي تدفعه الزوجة لزوجها، وسمي بذلك لأن الزوجة تُقْدِم على خلع نفسها كما يخلع الشخص الثوب،[١] والأصل في حكم الخلع أنه جائز، ولكن قد يختلف حكمه باختلاف أحواله وأسبابه، ومن الأدلة على مشروعيته؛ قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)،[٢] وما أخرجه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أنْقِمُ علَى ثَابِتٍ في دِينٍ ولَا خُلُقٍ، إلَّا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عليه، وأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا".[٣][٤][٥]





حكم الخلع بدون سبب

يجوز للمرأة طلب الخلع في حال وجود سبب يدفعها إليه؛ كأن يكون في الزوج عيب ما فيؤدي إلى نفور الزوجة منه، وأمّا في حال طلبت المرأة الخلع من زوجها بدون سبب أو حاجة تضطرها إلى ذلك فهو حرام، حيث أجمع أهل العلم على أنه يحرم على المرأة طلب الخلع بدون ضرورة أو سبب مُلِح، لأنه ضرر بها وبزوجها من غير حاجة، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك فقال: "أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ"،[٦] حيث أخبر بأن جزاء من طلبت من زوجها الخلع بدون سبب مقبول فإنه سيحرم عليها رائحة الجنة، ومن الجدير بالذكر بأنه لا يجوز للزوج بأن يؤذي زوجته ويُضيّق عليها ويسيء معاملتها حتى يدفعها إلى طلب الخلع منه، حيث حرمت الشريعة ظلم الزوج لزوجته وإيذائها ومنعها من حقوقها حتى تطلب الخلع بنفسها، ولقد ذم الله -عز وجل- من فعل ذلك، فقال تعالى: (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ).[٧][٤][٥]


ألفاظ الخلع

قد يكون الخلع بلفظه الصريح أو بألفاظ أخرى، وبيانها كالآتي:[٨]

  • من ألفاظ الخلع الصريحة والتي لا تحتاج إلى نية كقول: خالعتك، أو فسخت نكاحك، أو فاديتك.
  • من ألفاظ الخلع غير الصريحة والتي تحتاج إلى نية، فقد تحتمل أكثر من معنى كقول: باينتك، أو باريتك، أو أبرأتك.


الحكمة من مشروعية الخلع

من خصائص الشريعة الإسلامية الواقعية، حيث راعت مصالح العباد واهتمت بمشاعر كِلا الزوجين ورغبتهما في متابعة الحياة الزوجية معاً وتحقيق السعادة؛ حينما وضعت الوسائل والطرق لحل المشاكل الزوجية، فأعطت كلاً منهما الحق في الانفصال، فكما للرجل الحق في الطلاق فإن للمرأة في المقابل الحق في الخلع، وذلك في حال أصابها الضرر بسبب بقاء النكاح بينها وبينه، حيث يحق لها مخالعة زوجها بفداء نفسها بدفع تعويض له مقابل تخريب بيته دون سبب منه.[٤][٩]




المراجع

  1. عبد الوهاب خلاف، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، صفحة 157. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:229
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5276 ، صحيح.
  4. ^ أ ب ت محمود محمد غريب، الطَّلاق تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيم، صفحة 86-89. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أبو مالك كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 342-343. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصفحة أو الرقم:2226، صحيح.
  7. سورة النساء، آية:19
  8. حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد، دروس الشيخ حمد الحمد، صفحة 15. بتصرّف.
  9. أبو مالك كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 341. بتصرّف.
2561 مشاهدة
للأعلى للسفل
×