حكم الربا للمضطر

كتابة:
حكم الربا للمضطر

تعريف الربا

مذ خلق الله الأرض ومن عليها جعل بين النَّاس مصالح وبيوعًا لتستقيم الحياة ويتمَّ الأمر في عمارتها، ولكن استغلَّ بعض النَّاس بعضهم الآخر في حاجاتهم فانحرفوا عن شرع الله والأخلاق الفطرية لكلّ إنسان فنشأ بينهم ما يُسمى بالربا وهو على تعريف الحنفية له: "الفضل الخالي عن العوض بمعيار شرعي بشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضة"، وأمّا الحنابلة فقد قالوا بأنّه: "الزيادة في أشياء مخصوصة"، وعلى تعدد تعاريف الربا إلا أنّه يبقى بفحوى واحد ويصبُّ في نفس الدَّائرة ولكنَّ الإنسان قد يعميه اضطراره ويلجأ لما حُرِّم لإنقاذ نفسه وعائلته لذلك كان لا بدَّ من إفراد مقال يتحدث عن حكم الربا للمضطر.[١]

أنواع الربا

الربا نوعٌ من أنواع المعاملات التي أنزل الله في صريح كتابه أنّها محرّمة ولا ريب في ذلك، فقال تعالى في سورة البقرة:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[٢] والربا لم يأخذ شكلًا واحدًا بل كان له اثنان وهما ربا النسيئة وربا الفضل وقد جاء الإسلام على التَّفصيل في كليهما وفي الآتي بيانٌ لذلك:

ربا النسيئة

فأمَّا ربا النسيئة فهو أن يقرض شخصٌّ من النَّاس صاحبه مثلًا مئة دينار إلى أجلٍ مسمّى ربما لثلاثة شهور وحان وقت القضاء لكنَّ المقترض لم يُسعفه الوقت بعد لسداد دينه فيقول له الرَّجل المقرض، إمَّا أن تُعطيني مالي في الحال أو أزيد لك في المدة ربما شهرًا آخر شرط أن تزيدني في دنانيري عشرةً أخرى فيكون المجموع مئة وعشر دنانير، ففي هذه الحالة يكون المقرضُ قد ارتكب عين الربا الذي شاع في الجاهلية وما جاء الإسلام في تحريمه بإجماع الأئمة الأربعة فحرم الله هذا وبيّن أنّه من عمل اليهود، وأنّهم يأخذون الربا قال تعالى في كتابه العزيز:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا *وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}[٣] لذلك فإنَّ تحريمه لا شكَّ فيه وعلى المسلم أن يبتعد عنه حتى لا يكون مرتكبًا لأحد الكبائر.[٤]

ربا الفضل

وأمَّا النَّوع الآخر من الرِّبا فهو ربا الفضل وقد عرّف الحنفية الربا على أنّه: "فضل خالٍ عن عوضٍ بمعيارٍ شرعيٍّ مشروطٍ لأحد المتعاقدين في المعاوضة وربا الفضل: "هو البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر في متّحد الجنس"،‏ مثلًا من صوره أن يتمَّ التقابض ما بين كيلو واحد من التمر بكيليين من التمر وهذا ممّا لا يجوز والأصل في تحريم ربا الفضل أنَّه سدٌّ للذريعة حتَّى لا يصل المرء فيه إلى ربا النسيئة وفي ذلك تفصيلٌ لحكم الربا في الإسلام ولكن لا بدَّ من التفصيل أكثر في حكم الربا للمضطر.[٥]

حكم الربا للمضطر

دائمًا ما يحرص الدين الإسلامي على مراعاة ظروف المسلم حتى لا يُحمَّل فوق طاقته وذلك لأنّ الله يعلم عباده وما يستطيعونه، فالربا هو واحدٌ من الكبائر التي يتحاشها المسلم حتى يأمن غضب الله وعقابه ولكن قد تضطره الحياة في ظروفها المأساوية لأن يقترض من البنوك والبنوك -كما هو معروفٌ عادة- تتعامل بربا النسيئة الذي جاء الإسلام ليلغي التعامل معه، فهنا لا يجوز على المسلم أن يقترض بالربا أبدًا إلّا إن وجبت التهلكة في حال عدم القيام بذلك، وتعذّر عليه العيش تعذرًا تامًّا؛ فمثلًا أنَّه إذا لم يقترض فإنَّه سيبقى في الشارع ولن يؤويه أحد ولم يجد منزلًا يستأجره وحتى تعذرت عليه جميع الظروف من الاستئجار أو العمل أو غيرها ممّا يقصده المرء عند الحاجة، ودائمًا من يستغني بالله فالله سيغنيه من فضله ولكن على المرء أن يعقد العزم ويسعى ويعمل حتى لا يدخل في حرمة الربا، فالربا من السبع الموبقات التي حرّمها الإسلام وشدّد على تحريمها، قال صلّى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ"،[٦] والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٧]

فيديو عن حكم الربا للمضطر

وللتوسّع أكثر في حكم الربا للمضطر ننصحكم بمشاهدة الفيديو الآتي الذي يتحدث فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح عن حكم الربا للمضطر:[٨]

المراجع

  1. "الربا ( أقسامه وخطره والفرق بين البيع والربا ) "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-01-2020. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية: 275.
  3. سورة النساء، آية: 160،161.
  4. "أنواع الربا "، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 25-01-2020. بتصرّف.
  5. " الخلاف في ربا الفضل"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-01-2020. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2766 ، صحيح.
  7. "حكم أخذ قرض بالربا لبناء مسكن "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-01-2020. بتصرّف.
  8. "حكم الربا للمضطر"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-1-2020.
5730 مشاهدة
للأعلى للسفل
×