محتويات
الحكم الأساسي للزواج
إنَّ حكم الأصلَ في الزواجِ أنَّه مندوبٌ،[١] ودليل ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ)،[٢] وهذا الحكمُ إنَّما هو في حقِّ المكلفِ الذي تتوقُ نفسه للزواجِ، ولا يخشى على نفسه من الوقوع في الزّنا، وبذات الوقتِ لا بدَّ أن يكون قادراً على نفقاتِ الزواجِ كاملة.[٣]
الحكم التفصيلي للزواج
الوجوب
يأخذ الزواجُ حكمَ الوجوبِ، عند قدرة المسلم على نفقاتِ الزواجِ، مع رغبته الشديدة في الزواج والتي تجعله غيرَ قادرٍ على كبحِ جماح شهوته بالصيامَ، ممّا تؤدي به إلى الوقوعِ في الفاحشة؛ وسبب وجوبِ الزواجِ في حقِّه، هو وجوب إعفافِ نفسه، ولا يكون الإعفاف في هذه الحالة إلَّا بالزواج؛ وذلك تطبيقًا للقاعدة الفقهيّة ما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهو واجب.[٤]
الإباحة
يكون الزواج مباحاً في حقِّ المسلم الذي لا تتوقُ نفسه للعلاقةِ الزوجيةِ مع عدمَ خشيته من الوقوع في الزّنا، والذي يكون زواجه من باب الأنسِ بزوجته وحصول الألفةِ بينهما، مع ضرورة إخبار الزوجةِ بذلك، وعند تيقنه من عدمِ ظلمِ زوجته.[٥]
الكراهة
أمَّا الرجلُ الذي لا يخشى على نفسه الوقوع في الزّنا، وخشيَ من التقصيرِ في حقِّ زوجته بالفراشِ؛ لعدم توقانِ نفسه لنكاحٍ وعدم رغبته فيهِ، أو عند خشيته من إيقاعِ الظلمِ على زوجته، فإنَّ الزواج في هذه الحالة يكون مكروهاً في حقِّه.[٥]
التحريم
يأخذ الزواجُ حكم الحرمةِ عند تيقّنِ الرجلَ من وقوعِ الظلمِ على زوجتهِ بسببه، أو إذا تيقنَ وقوعَ الإضرارِ بها عند زواجها منه؛ لعدمِ قدرته وعجزه عن النّفقاتِ الخاصةِ بالزواج وتكاليفه، أو عند تيقّنه من عدمِ القدرةِ على العدلِ بينَ الزوجاتِ إن تزوج بامرأةٍ أخرى؛ وإنَّ العلةَ من الحرمةِ في هذه الحالةَ أنَّ كلَّ ما يُفضي إلى الحرامِ يُعدُّ حراماً.[٦]
ولا بدَّ من التنبيهِ إلى أنَّه عند اجتماعِ سببينِ يفضيان إلى حكمينِ مختلفينِ، كأنْ يجتمع سبب يجعل الزواجُ حراماً، مع سببٍ آخرٍ يجعل الزواجُ واجباً في حقِّ المكلفِ نفسه، فإنَّه يقدَّم الحرامُ على الحلالِ، فيكونُ الزواجُ في حقِّه حراماً، استدلالًا بقول الله -تعالى-: (وَليَستَعفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ).[٧][٨]
كما أنَّ الحرامَ مقدّم على الحلالِ في هذه المسألة لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ)؛[٢] إذ إنَّه أرشدَ إلى ما يعصمُ النفسُ عن الشهواتِ.
وذلك مع ضرورة التنبيه إلى أنَّ البعض قالوا عند خشية ظلمِ الزوجة، وعند خشية الوقوع في الزّنا، فإنَّ الأفضلَ تقديم الزواجِ على عدمِ الزواجِ؛ إذ إنَّ الرجلَ بعد الزواج قد تلينُ طباعه وتخفُّ قسوته عن زوجته.[٨]
المراجع
- ↑ عثمان بن المكي التوزري الزبيدي (1339)، توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام (الطبعة 1)، صفحة 9، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5065، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 17، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 6516، جزء 9. بتصرّف.
- ^ أ ب بدر ناصر مشرع السبيعي (2014)، المسائل الفقهية المستجدة في النكاح مع بيان ما أخذ به القانون الكويتي (الطبعة 1)، الكويت:مجلة الوعي الإسلامي وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 6516، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية:33
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 6516-6517، جزء 9. بتصرّف.