محتويات
العطر في الإسلام
إن المتأمّل في الشريعة الإسلامية يجد حرصها البالغ على بناء مجتمعٍ طاهرٍ عفيفٍ خالٍ من الآفات، ولم يكبح الإسلام الشهوات بل هذّبها وجعل لها ضوابط تُقَوّم طريقة تعاطيها، وحتى نصل بالمجتمع إلى هذا المساق الطيب وُضعت مجموعة من الضوابط والأحكام ويكأنها لوحات إرشادية تذكّر وتنبّه السائر في أرض الله أن الأمر لله من قبل ومن بعد.
وحكم استخدام العطر بالنظر لمكوّناته في توضيح، حيث إن العطر قسمان:
- قسمٌ لا يحتوي نسبة من الكحول
وهذا النوع من العطر ليس محرماً، واستخدامها جائز للرجال والنساء على سواء مع مراعاة أن لاستخدام النساء له ضوابط سنذكرها -بإذن الله-.
- العطور التي فيها نسبة من الكحول
وقد تعدّدت آرا العلماء في جواز استعمالها؛ وصح عن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- أن الخمر ما خامر العقل،[١] فكل ما وُجدت فيه هذه الصفة من المائعات فهو كحول الذي يحرم استعماله، ويجب اجتنابه ولو في غير الشرب عند كثير من العلماء.
واستعمال مثل هذا الكحول في العطور ممنوع شرعاً لأنه خمر، والخمر نجسة عند جماهير أهل العلم، وأما إذا كان هذا الكحول قد استحال عند تصنيع العطر إلى مادةٍ أخرى؛ بحيث زال عنه اسم الخمر فقد جاز استعماله، وإذا فرض وجود نوع من الكحول ليس ناشئاً عن تخمّر العصير؛ فاستعماله جائز إذا لم يكن خمراً لأن الأصل في الأشياء الإباحة".[٢]
استخدام العطر للمرأة
العطرُ للمرأة مباحٌ في البيت أو بين المحارم، بل وإن كان للزوج فهو مستحبّ، أما في حال خروج المرأة من بيتها نُهيت فقد عن التعطّر بما يشم منه رائحتها[٣] وذلك لعموم الأدلة الشرعية الدالة على ذلكو؛ منها:
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا استعطرتِ المرأةُ فمرَّت على القومِ لِيجِدوا ريحَها فهي زانيةٌ).[٤]
- عن أبي هُرَيْرةَ أنَّهُ لقيَ امرأةً تعصفُ ريحُها؛ فقالَ: "يا أمةَ الجبَّارِ، تريدينَ المسجدَ؟ قالت: نعَم. قالَ: ولَهُ تطيَّبتِ؟ قالت: نعَم. قالَ: فارجعي فإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ: (ما منِ امرأةٍ تخرجُ إلى المسجدِ فتعصِفُ ريحُها؛ فيقبلُ اللَّهُ منها صلاةً حتَّى ترجعَ فتغتسلَ)".[٥]
- عن زينب الثقفية قالت: إن -رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا شَهِدَتْ إحْداكُنَّ المَسْجِدَ فلا تَمَسَّ طِيبًا).[٦]
وإنما حُرم العطر للمرأة خارج المنزل مخافة أن يُفتن بها غيرها من الرجال، فإن المرأة بطبيعها الأنثوية مرغوبة دون جدال، فما إن زادت حسنها وجمالها وتزيّنت أصبحت عرضةً لمزيد من افتتان غيرها، كما أنّ الله أمر بذلك، فهي تمتثل لأمره وتتعبّد له -سبحانه- في ذلك، فهو -عز وجل- يعلم الأصلح للنّاس في دينهم ودنياهم.
تعريف العطر لغة واصطلاحاً
العطر لغة
وردت في اللغة عدة معان لكلمة عطر بكسر العين وسكون الطاء، ومما ورد في معناها ما يأتي:[٧]
- عِطْر مفرد أَعطار وعُطور، وهو الطِّيب، وكلُّ ما يُتَطيَّب به لِحُسْنِ رائحته، يُقال "لهذه الوردة عِطرٌ فوَّاح، ويُقال: زجاجة عِطْرٍ".
- عِطْر مُسْتَحْضَر ذو رائحة ذكيَّة فوَّاحة يُتَطيَّب به.
العطر اصطلاحاً
العطر هو ما يضعه الشخص من الطيبٍ والمسك وعنبر وغيره من المستحضرات الطبيعية أو الصناعية ذو رائحة زكية وعذبة، وهو اسم جامع لكل رائحة جميلة نفاذة، وهو الريح الطيبة المحملة بما يحبه الإنسان، وتشتهيه النفس من الروائح الندية.[٧]
المراجع
- ↑ رواه ابن عبد بر، في الاستذكار، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:7/24، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1062. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد ، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7377. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:323، صحيح .
- ↑ رواه الذهبي، في المهذب، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2/106، إسناده صالح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:433، صحيح.
- ^ أ ب أحمد مختار عمر ، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 1514. بتصرّف.