حكم الغلو في الدين

كتابة:
حكم الغلو في الدين


حكم الغلو في الدين

نهى الله -عز وجل- عن التنطّع والتشدّد في الدين؛ سواء كان التشدّد في العبادة، أم في العلم، أم في الأشخاص، أم في المباحات، أم في المعاملات، بل حذّر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لذلك فإن أحب الأعمال ما كان على طريق السداد والصواب والاقتصاد دون تكلّف ودون مبالغة.[١] والدليل على تحريم الغلو ما يأتي:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة العقبة وهو على ناقته: (القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات، هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: أيها الناس، إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين).[٢]
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.[٣]

الغلو في الدين

لقد وضع الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- علاجاً ومخرجاً من الغلو في الدين، وجعل لنا منهجاً وسطاً نسلك فيهالاعتدال والوسطية، والغلوّ في اللغة: هو تجاوز الحدّ، ويُطلق عليه التنطّع والتشدّد والتصلّب.[٤]

ويُراد به: الغالّ والمتشدد في عبادته، بحيث يخرج عن قواعد وقوانين الشريعة، ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة، وقيل: هو المتنطّع المتعمّق في الشيء، المتكلّف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخل فيما لا يعنيه، الخائض فيما لا يبلغه عقله، الذي يستعمل أقصى طاقاته وأكثر أوقاته في البحث عما لا فائدة ولا نفع له فيه.[٥]

أسباب الغلو في الدين

أسباب الغلوّ والتنطّع في الدين كثيرة، ومن أهمها ما يأتي:[٦]

  • قلة الفقه، وضعف العلم، وأخذ العلم عن غير أهله -غير المؤهّلين-.
  • التعصّب والتحيّز للمذهب والرأي، وعدم تقبّل الرأي الآخر.
  • الابتعاد عن صحبة العلماء وطلاب العلم، وعدم مجالستهم، ومصاحبة أهل الجهل الذين يدّعون العلم والمعرفة.
  • ادّعاء العلم الكثير، والاغترار والاعتزاز بالنفس، والتعالي على العلماء والناس، واحتقار آرائهم.
  • عدم الخوض في الميدان، وقلة التجارب، وقصور العقل.
  • عدم العلم باختلاف الناس أو بخلاف العلماء.
  • انتشار الفساد والطغيان، وقلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • سوء الأوضاع الاقتصادية.
  • حب إبراز الذات، والفوز على الخصم.

أنواع الغلو عند العلماء

يتنوع الغلوّ عند العلماء إلى أنواع عدّة كما يأتي:[٧]

  • غلو في الأشخاص الصالحين، وإطراؤهم والاستغاثة بهم، وإيصالهم إلى مرحلة العصمة وعدم الخطأ والمعصية.
  • غلو في العمل؛ أي الأحكام الفقهية العملية؛ كجعل المندوب واجباً، وجعل المكروه محرماً، وجعل المباح حراماً.
  • الغلو الذي يخرجه صاحبه عن كونه مطيعاً لله -عز وجل- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، مثل الذي يزيد صلاة العصر ركعة، ويزيد على أيام على شهر رمضان، أو يسعى بين الصفا والمروة زيادة على سبعة أشواط.
  • الغلو الذي يخاف منه صاحبه الانقطاع؛ كقيام الليل كله، وصيام الدهر، وكذلك الاعتكاف في المسجد الدهر كله.


المراجع

  1. محمد الجيزاني (1431)، دراسة وتحقيق قاعدة الأصل في العبادات المنع (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية:دار ابن الجوزي، صفحة 69، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه ابن ماجة، في سنن ابن ماجة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3029، صحيح.
  3. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم ، عن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2670، حديث صحيح.
  4. محمد الزيبدي، تاج العروس من جواهر القاموس، صفحة 178، جزء 39. بتصرّف.
  5. سليمان عبد الوهاب (1423)، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (الطبعة 1)، بيروت _ دمشق:المكتب الإسلامي، صفحة 265، جزء 1. بتصرّف.
  6. ناصر العقل، الغلو الأسباب والعلاج، صفحة 10، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الرؤوف عثمان (1414)، https://shamela.ws/book/30862/135#p1 محبة الرسول بين الاتباع والابتداع (الطبعة 1)، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة، صفحة 145 146، جزء 1. بتصرّف.
4335 مشاهدة
للأعلى للسفل
×