الأحكام الشرعية
من المسائل الفقهية التي يثار حولها الكثير من الجدل هي حكم الغناء، وقبل الشروع في البحث في حكم الغناء ينبغي فهم معنى الفقه ، حيث يُعرّف الفقه لغةً بالفهم، وأما اصطلاحًا فيُعرّف على أنه استنباط الأحكام الشرعية بأدلتها من القرآن الكريم، والسنة النبوية والإجماع والقياس، وتجدر الإشارة إلى أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى خمسة أقسام، وهي: الواجب والمحرم والمباح والمندوب والمكروه، ويمكن القول أن الواجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه كالصلاة والصوم وبر الوالدين، وأما المحرم فيعاقب فاعله ويثاب تاركه، مثل السرقة وشرب الخمر، والمندوب هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، كسائر النوافل، وأما المكروه فيثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، وأما المباح ففعله وتركه سواء.[١]
حكم الغناء
يُعرف الغناء على أنه نوع من أنواع الشِعر، والشِعر هو عبارة عن كلام موزون مُقفى، وقد ورد في العديد ما يدل على إباحة الشعر بشرط حسن موضوعه، مصداقًا لما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الشعرُ بمنزلةِ الكلامِ، فحسَنُه كحسنِ الكلامِ، و قبيحُه كقبيحِ الكلامِ"،[٢]ومما يدل على كراهة الشعر في حال قبح موضوعه، ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ له مِن أنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا".[٣][٤]
وبناءً على ما سبق قسم أهل العلم الشعر إلى قسمين: الأول مباح، كأشعار الزهد، والفضائل، والآدب، والجهاد في سبيل الله، ووصف الكون، وأشعار العرس، والقسم الثاني شعر محرم وهو ما احتوى على فحش، أو، قبح، أو خنا ومن الأمثلة على هذا النوع أشعار الهجاء، وأشعار النياحة على الأموات، وأشعار المدح والثناء الكاذبة، والأشعار الشركية، وأخيرًا أشعار الغناء، وبناءً على ما سبق يُخلص إلى حكم الغناء، حيث ذهب الأئمة الأربعة إلى تحريم الغناء.[٤]
واستدلوا على حكم الغناء بالعديد من الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، منها قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}،[٥]وقد بين ابن عباس، وابن مسعود، ومجاهد، وجابر -رضي الله عنهم- أن لهو الحديث هو الغناء، ومنها ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ"،[٦] وقد ذكر ابن القيم أن المعازف هي آلات اللهو كلها، وذكر القرطبي إنها الغناء.[٤]
أثر الغناء على النفس
بعد الوقوف على حكم الغناء في الشريعة الإسلامية تجدر الإشارة إلى تأثيره على النفس البشرية، فقد عرف البشر منذ قديم الزمان أن للغناء بالغ التأثير على السلوك والتوجهات فاستخدموه في مختلف المناسبات كاستنهاض الهمم وإشعال الحماسة في الحروب والمعارك، لا سيما أن نغمات الموسيقى تحدث بعض التغيرات الكيميائية في جسم الإنسان ويمتد تأثيرها إلى سائر الحواس، كما وتؤثر في الدماغ أيضًا فتحفزه على إفراز مادة معينة تقلل من إحساسه، وتغلق منافذ الإدراك لديه، مما يؤد إلى الجمود الفكري والذهني، حتى أن البعض أطلق على الموسيقى اسم حجاب العقل.[٧]
المراجع
- ↑ "من أحكام الفقه الإسلامي"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو و عائشة ، الصفحة أو الرقم: 3733 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 6154 ، صحيح.
- ^ أ ب ت "أقوال العلماء في حكم الموسيقى والغناء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-08-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 6.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 5590 ، صحيح.
- ↑ "تأثير الغناء على التوجهات والسلوك"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.