حكم الفرار يوم الزحف

كتابة:
حكم الفرار يوم الزحف

القتال في سبيل الله

لم يُشرع القتال والجهاد في الإسلام من أجل الاعتداء على أرواح الناس أو أموالهم أو أعراضهم، بل شُرع القتال لمقاصد جليلة ومصالح عظيمة، ومن هذه المصالح: إعلاء كلمة الله -تعالى- ونشر التوحيد، ولقد كان منذ زمن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من يمنع الناس من تعلم الإسلام والدخول فيه، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حيث قال: "سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلكَ في سَبيلِ اللهِ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ اللَّهِ"،[١] وكذلك نصر المظلومين من مقاصد القتال في سبيل الله تعالى، فقد قال سبحانه: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}،[٢] وغيرها من المقاصد العظيمة.[٣]

حكم الفرار يوم الزحف

في الحديث عن حكم الفرار يوم الزحف، فقد حرم الله -تعالى- ذلك ، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}،[٤] فقد توّعد الله -تعالى- الفارَّ من أرض المعركة بالغضب والعذاب في نار جهنم يوم القيامة، وقد عدّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الفرار من القتال من الكبائر السبع التي تُهلك صاحبها في جهنم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ".[٥][٦]

لماذا النهي عن الفرار يوم الزحف

بعد الحديث عن حكم الفرار يوم الزحف، من الجدير الحديث عن سبب تحريم الفرار يوم الزحف، بل إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عدّه من الكبائر؛ لأن الفرار يوم الزحف يسبب الضعف والوهن لجيش المسلمين، وقد ينهزم الجيش في المعركة بسبب الفرار من أرض المعركة، وقد أمر الله -تعالى- المؤمنين بالثبات عند لقاء الأعداء، فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،[٧] فالفرار من الزحف من الكبائر لما يترتب عليه من مفاسد كبيرة، أما إذا أراد المقاتل أنّ يُغيّر مكان قتاله إلى مكان آخر أنسب للقتال فلا يُعدُّ ذلك من الفرار، كما أنّ الانضمام إلى جهة أخرى في أرض المعركة لمساعدة فئة من المسلمين على الأعداء لا يُعتبر من ضمن الفرار يوم الزحف.[٨]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 1904، حديث صحيح.
  2. سورة النساء، آية: 75.
  3. "إعلاء كلمة الله تعالى"، al-maktaba.org، 18-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
  4. سورة الأنفال، آية: 15،16.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6857، حديث صحيح.
  6. "من محرمات الجهاد الفرار من الزحف"، al-maktaba.org، 18-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
  7. سورة الأنفال، آية: 45.
  8. "شرح أثر تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون)"، al-maktaba.org، 18-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
3185 مشاهدة
للأعلى للسفل
×