حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة هل يفسد الخطبة؟

كتابة:
حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة هل يفسد الخطبة؟


حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة: هل يفسد الخطبة؟

شرع الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمين صلاة الجمعة، وشرع لها أحكامًا خاصةً بها، فما هو حكم الكلام أثناء وقبل وبعد الخطبة؟ وما هي الحالات التي يباح الكلام فيها أثناء الخطبة؟ وما هي فائدة الاستماع إلى الخطبة؟



لا يعدُّ الكلام أثناء خطبة الجمعة من مفسداتها؛ فمن تكلّم والإمام يخطب فقد لغا ونقص أجره وثوابه، لا يُحكم على الخطبة ولا على جمعته بالفساد، وكذلك لا يقلب جمعته إلى صلاة ظُهر،[١] أمَّا حكم الكلام أثناء الخطبة ففيه أقوال، وفيما يأتي بيان ذلك:[٢]

  • الحنفية: يحرم عند فقهاء الحنفيّة الكلام أثناء خطبة الجمعة، باستثناء الذكر.
  • المالكية: يحرم عند فقهاء المالكيّة الكلام أثناء خطبة الجمعة.
  • الشافعية: يُكره الكلام أثناء خطبة الجمعة عند فقهاء الشافعيّة ولو كان الكلام ذكرًا.
  • الحنابلة: يحرم الكلام عند فقهاء الحنابلة أثناء خطبة الجمعة.



حكم الكلام قبل وبعد خطبة الجمعة

تعددت أقوال الفقهاء في حكم كلام المصلّي قبل شروع الإمام بالخطبة وبعد انتهائه منها على ثلاثة أقوال، وفيما يأتي ذلك:[٣]

  • القول الأول: يجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها، وهذا مذهب المالكيّة، والشافعيّة، وبعض فقهاء الحنابلة، وهو قول أبو يوسف ومحمد من فقهاء الحنفيّة، ودليلهم في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، ويَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)،[٤] ووجه الدلالة من هذا الحديث أنَّ المستمع لا يكون مستمعًا إلا إذا كان الخطيب يتكلم.[٥]
  • القول الثاني: بمجرد صعود الإمام إلى المنبر يحرم على المُصلّي الكلام وإن لم يشرع في الخطبة، كذلك يحرم على المُصلِّي الكلام بعد انتهاء الخطبة وقبل الشروع في الصلاة، وهذا مذهب الإمام أبو حنيفة، واستدلوا على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، ويَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)،[٤] ووجه الدلالة من ذلك أنَّ النبيِّ قيَّد طيِّ صحف الملائكة بخروج الإمام.[٦]
  • القول الثالث: يُكره الكلام للمُصلِّي إذا صعد الإمام على المنبر وإن لم يشرع في الخطبة، وكذلك يُكره بعد انتهاء الإمام من الخطبة وقبل الشروع في الصلاة، وهذه مذهب بعض فقهاء الحنابلة.[٥]



حالات جواز الكلام أثناء خطبة الجمعة

هناك حالاتٌ في الشريعة الإسلامية تبيح للمسلم الكلام أثناء خطبة الجمعة، وفيما يأتي ذلك:

  • الحالة الأولى: يجوز الكلام أثناء خطبة الجمعة للمصلي إذا خاطب الإمام لحاجةٍ.[٧]
  • الحالة الثانية: يجوز الكلام أثناء خطبة الجمعة للحاضر الذي لا يسمع الخطبة، لبعدٍ أو غيره، وهذا القول الصحيح عند فقهاء الشافعيّة، وبه قال بعض فقهاء الحنفية وهو كذلك رواية عند فقهاء الحنابلة، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هذه المسألة من المسائل الخلافية، حيث ذهب المالكيّة وبعض الأحناف والحنابلة إلى حرمة الكلام للحاضر الذي لا يسمع الخطبة، وهو قولٌ أيضاً عند فقهاء الشافعيّة.[٨]
  • الحالة الثالثة: يجوز رد السلام في خطبة الجمعة في الرواية الصحيحة عن الإمام أحمد، وقد قيَّد ذلك في رواية أخرى بالمُصلِّي الذي لا يسمع الخطبة.[٩]
  • الحالة الرابعة: يجوز تشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة، وهذا مذهب الشافعيّة.[١٠]
  • الحالة الخامسة: يجوز الكلام أثناء خطبة الجمعة لأمرٍ ناجزٍ وضروري، كتنبيه الأعمى وتحذيره من الوقوع في حفرةٍ أو بئرٍ، أو تحذير من يُخشى عليه من أمرٍ قد يُهلكه.[١١]



فائدة الاستماع لخطبة الجمعة

شرع الله -عزَّ وجلَّ- العبادات، ورتب عليها الأجر العظيم، وفيما يأتي ذلك:[١٢]

  • تكفير الذنوب التي حصلت ما بين الجمعتين، ودليل ذلك ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله قال: (مَن تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فاسْتَمع وأَنْصَتَ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ، وزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، ومَن مَسَّ الحَصَى فقَدْ لَغا).[١٣]
  • يكتب للذي يسعى لصلاة الجمعة واستماع الخطبة بكلِّ خطوةٍ أجر سنةٍ وقيامها، ودليل ذلك ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (من غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكب ودنا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها).[١٤]
  • أنَّ أجر صلاة الجمعة موقوفٌ على استماع المُصلِّي لخطبة الجمعة وإنصاته لها كي يفهمها، وذلك لما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ).[١٥]


المراجع

  1. "كلام المصلي أثناء خطبة الجمعة ينقص ثوابه ولا يبطلها"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2021. بتصرّف.
  2. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 317. بتصرّف.
  3. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 345-346. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:929، حديث صحيح.
  5. ^ أ ب عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 347. بتصرّف.
  6. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 350. بتصرّف.
  7. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 310. بتصرّف.
  8. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 325. بتصرّف.
  9. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 329-330. بتصرّف.
  10. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها، صفحة 330. بتصرّف.
  11. عبد العزيز الحجيلان، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية، صفحة 343. بتصرّف.
  12. محمد المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 642. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:857، حديث صحيح.
  14. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أوس بن أبي أوس أو أوس بن أوس والد عمرو، الصفحة أو الرقم:345، حديث صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:934، حديث صحيح.
3707 مشاهدة
للأعلى للسفل
×