حكم اللعن في الإسلام

كتابة:
حكم اللعن في الإسلام

حكم اللعن في الإسلام

ما هي أقوال أهل العلماء في جواز اللعن من عدمه؟

يختلف معنى اللعن باختلاف الجهة التي صدر عنها هذا اللعن، فإذا كانت اللعنة من الله -عزّ وجلّ- في الآخرة، فتعني: العذاب والعقوبة، وإذا كانت في الدنيا فتكون طرد من الرحمة والتوفيق، وإذا كانت من الإنسان لغيره فتكون بمعنى الدعاء عليه بالطرد من رحمة الله والإبعاد عنها، وقد يلعن الإنسان إنسانًا آخرًا بقصد سبِّه وشتمه، وفيما يأتي تفصيل لأحكام اللعن في الإسلام حسب الحالات والجهة التي وقع عليها اللعن:[١]


هل يجوز لعن الظالم؟

اختلف أهل العلم في جواز لعن الظالم المعيَّن من المسلمين، ومعنى المعيّن أي المحدَّد باسمه والمعروف بشخصه، فقال البعض بعدم جواز لعن الظالم المعيّن؛ وإنّما يجوز للمسلم أن يلعن عموم الظالمين، وبهذا يكون لعن للوصف والجنس وليس للعين المخصوصة، وقد وردت آيات قرآنية لُعِن فيها الظالمون بالعموم،[٢] ولكنّ البعض الآخر قد قالوا بجواز لعن المسلم الظالم المعيّن، ومنهم الشيخ الألباني، واستدلّ بحديث ورد في الأدب المفرد للبخاري وسنن أبي داود.[٣]


ومفاد هذا الحديث أنَّ رجلًا جاء يشكو إلى رسول الله ظلم جاره فأمره النبي بإخراج متاعه إلى الطريق، فلمَّا فعل ذلك جعل الناس يسألونه عن سبب فعله هذا فيخبرهم بظلم جاره له، فيقومون بلعنه، فجاء هذا الجار الظالم إلى رسول الله وأخبره بذلك، وردَّ عليه الرسول بأنّ من في السماء قد لعنه قبل أهل الأرض، فكان هذا الرد من رسول الله إقرار للفعل الذي صدر من الناس وهو لعن الظالم بعينه.[٣]


هل يجوز لعن غير المسلم؟

إنّ غير المسلم هو الكافر بدين الإسلام، وقد اختلف العلماء في حكم لعنه، فقال البعض بجواز لعن الكافر المعيّن، والسبب أنّ الكافر ليس له حق وهو غير مصان كالمسلم، واللعن هو طلب الطرد والإبعاد من رحمة الله وهذا حاصل في حق الكفَّار، فيستوي لعن الكافر المعيّن بلعن جنس الكفر المتفق على جوازه، والدليل أنّ رسول الله قد لعن أقوامًا معيّنين من كفّار قريش.[٢]


ولكنّ الفريق الآخر من العلماء قالوا بعدم جواز لعن غير المسلم المعيّن، وذلك لأنّ رسول الله بعدما لعن أقوامًا معيّنين من الكفّار؛ نزل قول الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}،[٤] ولأنَّ رسول الله لم يكن يلعن ولم تأتِ السنّة بذلك فلم يرد أنّه لعن أحدًا إلّا هؤلاء، كما أنّ اللعّانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء، وقد قالت طائفة من أهل العلم أنّ جواز لعن الكافر المعيّن منسوخ بالآية السابقة.[٢]


هل يجوز لعن المسلم العاصي؟

إنّ لعن العصاة غير المعيّنين جائز، وقد وردت أحاديث عدّة فيها لعن للعصاة من جهة أفعالهم فقد لعن رسول الله من لعن والديه ومن آوى محدثًا وأشباه ذلك، وهذا من قبيل لعن الوصف وليس العين، أمّا لعن المسلم العاصي فلا يجوز،[٥] وقد نقل القرطبي عن ابن العربي الاتفاق على حرمة لعن العاصي المعيّن، والدليل أنّ رسول الله قد جاءه رجل شرب الخمر أكثر من مرّة، فقام بعض الحاضرين بلعنه لصدور هذا الفعل منه، فقال لهم الرسول الكريم: "لا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ علَى أخِيكُمْ"،[٦] فالأخوة بين المسلمين توجب الشفقة والرحمة.[٧]


كما ذكر القرطبي أيضًا أنّ بعض العلماء قال بحرمة لعن المسلم العاصي بعد إقامة الحد عليه وليس قبل ذلك، أمّا من لم يُقم عليه الحد فإنّ لعنه جائز سواءٌ كان لعنًا معيّنًا أو مطلقًا، وذلك لأنّ رسول الله لا يلعن إلّا من تجب عليه اللعنة إذا كان فعله يوجب للعن، أمّا إذا تاب وترك المعصية وأُقيم عليه الحد فلا وجه للعنه عندها.[٧]


هل يجوز لعن الميت؟

إنّ لعن الأموات لا يجوز وقد ورد النهي عن هذا بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تَسُبُّوا الأمْواتَ، فإنَّهُمْ قدْ أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا"،[٨] فهذا الحديث يُبيّن حرمة سب الأموات أو لعنهم أو النيل منهم، وهذا الحكم يشمل موتى الكفّار والمسلمين،[٩] ولكنّ الإمام الغزالي قد قال في إحياء علوم الدين بجواز لعن الكافر بعد موته إذا تأكّد لدى الإنسان موته على الكفر، ولكنّ هذا مشروط بعدم إيذاء أحد من المسلمين بهذا اللعن، وشدّد على حرمة اللعن ووجوب الابتعاد عنه وصون اللسان عن هذه الآفة.[١٠]


هل يجوز لعن الشيطان؟

إنّ العلماء قد اختلفوا في حكم لعن الشيطان، حيث قال البعض بجواز لعنه لأنّ الكثير من الآيات قد تضمنّت لعن الله له وطرده من رحمته، ولكنّ ورود حديث ينهى عن لعن الشيطان ويُبيّن أنّه يتعاظم بلعنه جعل فريقًا آخر من العلماء يقولون بعدم جواز لعنه، كما أنّهم استندوا على أنّه من الجدير بالمسلم ألّا يلعن، لأنّ الشريعة الإسلامية قد نهت عن اللعن بالعموم.[٢]


هل يجوز لعن الأمراض؟

إنّ لعن الأمراض لا يجوز، وقد قال الشيخ ابن عثيمين أنّ من يقوم بلعن الأمراض أو أي شيء أصابه وهو من فعل الله -سبحانه وتعالى- فإنّ فعله هذا يُعد من أعظم القبائح، لأنّ لعن الأمراض التي هي من تقدير الخالق العظيم قد تكون بمنزلة سب ذاته جلّ وعلا، ومن الواجب على المسلم إذا تفوّه بشيء من هذا القبيل أن يُبادر إلى التوبة وأن يعلم أنّ الله تعالى لا يظلم أحدًا، والأمراض تحصل بمشيئة الله ووفقًا لحكمته.[١١]


هل يجوز لعن الجمادات؟

إنّ اللعنة إذا صادفت محلًّا ليس أهلًا للعن فإنّها تعود على صاحبها، والجماد ليس فيه روح ولا يصدر عنه أي فعل ولا يمكن أن يكون أهلًا للعن، ولذلك فإنّ لعن الجماد ممنوع في الشريعة الإسلامية، وقد جاءت الأدلّة بالنهي عن لعن الجمادات والحيوانات وأشباه ذلك، فهذا لعنٌ مذموم والأولى هو حفظ اللسان عن مثله.[١٢]


هل يجوز اللعن على سبيل المزاح؟

إنّ اللعن على سبيل المزاح والضحك حرام ولا يجوز، لأنّ المسلم مصون وله حرمة لا يجوز انتهاكها،[١٣] وما يفعله بعض الشباب اليوم من تبادل التحية بالشتم واللعن والسباب هو أمر منكر وفعل خطير من الواجب الحذر منه والابتعاد عن مثله، فالإنسان محاسب على ما يصدر منه من الأقوال، والمسلم ليس بلّعان، وقد قال الإمام النووي بحرمة لعن المسلم المصون بالإجماع، كما أنّ الصحابة كانوا يرون لعن المسلم لأخيه من أعظم الكبائر، وقد لعن رسول الله من يلعن والديه ويكون ذلك بأنّ يلعن إنسانٌ والدي إنسانٍ آخر فيرد عليه فيجلب الأول اللعنة لوالديه، وهذا الفعل يتكرّر كثيرًا فيما بين الأصدقاء اليوم على سبيل المزاح.[١٤]


ما حكم من يلعن نفسه؟

إنّ اللعن هو مهلكة عظيمة وقد نهى رسول الله عنه ونهى عن الدعاء على النفس والدعاء على الأولاد، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ"،[١٥] واللعن هو الطرد من رحمة الله ولا يجوز لأي إنسان أن يدعو على نفسه بهذا.[١٦]


حكم قول كلمة: اللعنة

إنّ الإكثار من اللعن ليس من صفات المؤمنين، حيث دلّت الكثير من الأدلّة الشرعية على حرمة اللعن بشكل عام ووجوب حفظ اللسان عنه في الحالات الخاصّة التي يجوز فيها اللعن، فهو لا يأتي بفائدة ونفع على الإنسان ومفاده طرد الملعون من رحمة الله، وحكمه يختلف باختلاف الجهة التي وقع عليها اللعن، ولكنّ كلمة اللعنه مطلقة وليست مقيّدة بشيئ معيّن فحكمها يختلف بحسب القصد منها، ولكنّ الأولى تركها وعدم قولها لأنّ لعن الأشياء التي لا تستحق اللعن يعود على قائل اللعنة، وقد نهى رسول الله عن لعن الريح والدهر وما شابه ذلك، والفطرة السليمة تمقت اللعن وتنفر من الكلام القبيح.[١٤]


حديث: إنَّ العبد إذا لعن شيئًا صعدت

أين ورد حديث إنَّ العبد إذا لعن شيئًا صعدت؟ وما معناه؟

ورد في باب اللعن والنهي عنه أحاديث عدّة، وفيما يأتي ذكر لأحد هذه الأحاديث وبيان لدرجة صحّته:


متن الحديث

عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "إنَّ العبدَ إذا لعن شيئًا صعدتِ الَّلعنةُ إلى السماءِ فتُغلقُ أبوابُ السماءِ دونَها، ثم تُهبطُ إلى الأرضِ فتُغلقُ أبوابُها دونَها، ثم تأخذُ يمينًا وشمالًا فإذا لم تجد مَساغًا رجعتُ إلى الذي لَعنَ، فإن كان لذلك أهلًا وإلا رجعتْ إلى قائلِها"،[١٧] رواه أبو داود.[١٨]


صحة الحديث

ورد الحديث السابق في كتاب مشكاة المصابيح وحكم المؤلّف بصحّته،[١٨] وذكر ابن حجر أنّ هذا الحديث إسناده جيّد وله شاهد في مسند الإمام أحمد مروي عن ابن مسعود، وله شاهدان في سنن الترمذي وسنن أبي داود مرويّان عن ابن عبّاس، ورواته ثقات ولكنّه معلول بالإرسال.[١٩]


شرح الحديث

إنّ معنى هذا الحديث أنّ اللعنة وهي الدعاء بالطرد من رحمة الله؛ إذا وقعت على شيء من حيوان أو جماد، فإنّها تصعد إلى السماء فلا تنفتح لها أبوابها لعظمتها، فتأبى دخولها إليها، وكذلك تفعل الأرض عندما تهبط تلك الكلمة إليها، ثمّ تذهب يمينًا وشمالًا على جهتي من وقع عليه اللعن، فإن كان أهلًا لها، كأن يكون من الذين لعنهم الله ورسوله، فإنّها تقع عليه، وإلّا فإنّها تعود إلى صاحبها ويكون لاعنًا لنفسه.[٢٠]


حديث: لعْن المؤمن كقتله

ما هي عقوبة لعن المسلم لأخيه المسلم؟

إنّ مسألة اللعن مسألة خطيرة جدًا، حتّى أنّ بعض الأحاديث جعلت لعن المؤمن كقتله، وفيما يأتي إيراد لمتن هذا الحديث وبيان لدرجة صحته، وشرح لمعناه:


متن الحديث

أورد مسلم في صحيحه: عن ثابت بن الضحاك، عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "ليسَ علَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيما لا يَمْلِكُ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بشيءٍ في الدُّنْيَا عُذِّبَ به يَومَ القِيَامَةِ، وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً، وَمَن حَلَفَ علَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ".[٢١]


صحة الحديث

قال صاحب كتاب تخريج أحاديث الإحياء أنّ حديث: "لعن المؤمن كقتله"، متفقٌ عليه عن ثابت بن الضحّاك، أي أنّه قد ورد في صحيحي البخاري ومسلم وبذلك يكون في أعلى درجات الصحّة.[٢٢]


شرح الحديث

قال الإمام النووي عند شرحه لهذا الحديث، أنّ فيه دليل على التغليظ عن لعن المسلم، وهذا ممّا لم يقع فيه خلاف، وقد قال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من العلماء، بعدم جواز لعن أحد من المسلمين ولا من الدواب، وليس في هذا فرق بين الفسقة وغيرهم، كما أنّه لا يجوز لعن أعيان الكفّار الأحياء منهم والأموات، ولكنّ لعن من دلّت النصوص الشرعية على أنّه قد مات على الكفر كأبي لهب وأبي جهل وغيرهما فجائز.[٢٣]


أمّا بالنسبة للعن الكفّار بالعموم فيجوز، لأنّ هذا اللعن قد ورد في القرآن الكريم، فالكثير من الآيات جاء فيها لعن الله تعالى للكفّار ولليهود والنصارى وغيرهم، كما أنّ قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لعن المؤمن كقتله"، فالظاهر أنّه يدل على أنّ أصل تحريم القتل واللعن واحد، وإن كان القتل أغلظ، وقد اختار الإمام أبو عبد الله المازري هذا القول.[٢٣]


فيديو عن حكم اللعن في الإسلام

في هذا الفيديو يوضح فضيلة الدكتور عبد الرحمن إبداح حكم اللعن في الإسلام:[٢٤]

المراجع

  1. ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 116-121. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث صالح آل الشيخ، إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل، صفحة 213-214. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 263. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية:128
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 40. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6781، حديث صحيح.
  7. ^ أ ب القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 488-490. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6516، حديث صحيح.
  9. الصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 95. بتصرّف.
  10. أبو حامد الغزالي، كتاب إحياء علوم الدين، صفحة 124. بتصرّف.
  11. ابن عثيمين، كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 126. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 498. بتصرّف.
  13. ابن عثيمين، كتاب فتاوى نور على الدرب للعثيمين، صفحة 2. بتصرّف.
  14. ^ أ ب أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 19. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:3009، حديث صحيح.
  16. شحاته صقر، كتاب دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 574. بتصرّف.
  17. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:4905، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  18. ^ أ ب التبريزي، أبو عبد الله، كتاب مشكاة المصابيح، صفحة 862-863. بتصرّف.
  19. نبيل البصارة، كتاب أنيس الساري، صفحة 538. بتصرّف.
  20. الصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 509. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثابت بن الضحاك، الصفحة أو الرقم:110، حديث صحيح.
  22. العراقي، زين الدين، كتاب تخريج أحاديث الإحياء، صفحة 1015. بتصرّف.
  23. ^ أ ب النووي، كتاب شرح النووي على مسلم، صفحة 125. بتصرّف.
  24. "حكم اللعن في الإسلام"، اليوتيوب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-15. بتصرّف.
4964 مشاهدة
للأعلى للسفل
×