محتويات
حُكم تداوُل العُملات
لا يستغني الناس في حياتهم عن النقود وتبادلها؛ لإتمام معاملاتهم من بيعٍ وشراء وغيرها، وقد تستدعي الحاجة إلى التعامل بعملاتٍ مختلفةٍ؛ لذا أجازت الشريعة الإسلامية تبادل العملات وتداولها بالبيع والشراء وفق شروط وضوابط، فيما يأتي بيانها:[١]
- التقابض في نفس المجلس أو نفس الوقت إذا اختلفت العملات؛ كأن يبيع شخصٌ لآخر مبلغ بالدولار مقابل آخر بالدينار؛ فلا بد من تحقق القبض في نفس المجلس أو نفس الوقت؛ تجنُّبًا للوقوع في الربا.
- التماثل في القدر إذا كانت اتّحدت العملة؛ كأن يتم تبادل وصرف دولار مقابل دولار؛ فلا بُدّ من المماثلة في المقدار -إضافةً إلى التقابض في نفس الوقت-؛ لأنّ اختلاف المقدار يُعتبر ربا فضلٍ، وهو من الصور المحرَّمة.
- ألّا تمنع الدولة تداول العملات؛ فقد تلجأ الدولة في ظرفٍ ما إلى منع المتاجرة بالعملات؛ لمصلحةٍ عامَّةٍ، فيُمنع عندها التداول؛ للمصلحة العامّة.[٢]
تداول العملات بالهامش
معنى تداول العملات بالهامش
يُقصد بالمتاجرة بالهامش؛ أن يدفع المُشتري جزءًا من ثمن ما يرغب شراءه، ويدفع الوسيط -كالمصرف- باقي المبلغ على شكل قرض، وتبقى العقود المُشتراة لدى الوسيط، مرهونةً بمبلغ القرض، وتداول العملات بالهامش يكون بنفس الطريقة[٣]
آلية التداول والمتاجرة بالهامش
إنّ تداول العملات والمتاجرة بالهامش تقوم على جملةٍ من الأمور، وهي:[٣]
- المُتاجَرة: وتكون عن طريق بيع وشراء الأوراق المالية، أو بيع وشراء بعض أنواع السِّلع، أو غير ذلك من التّجارات بأنواعها.
- القرض: هو المبلغ الذي يدفعه الوسيط -المصرف أو غيره- للعميل.
- الرِّبا: حيث يجري الربا في هذه المعاملة عن طريق رسوم التّبييت، وهي فائدةٌ مشروطة على المُستثمِر في حال لم يتصرّف في الصّفقة في اليوم نفسه، وربّما تكون تلك الفائدة نسبةً مئويَّةً، أو مبلغًا محددًّا مقتطعًا.
- السّمسرة: هي عبارة عن مبلغ يحصل عليه الوسيط لقاء المُتاجَرة عن طريقه؛ بحيث يحصل المصرف على نسبة مُتَّفق عليها من قيمة المتاجرات التي تحصل عن طريقه.
- الرَّهن: حيث يلتزم العميل عن طريق توقيع اتفاقيّةٍ تقتضي إبقاء عقود المُتاجَرة لدى الوسيط كنوعٍ من الرّهن؛ لضمان مبلغ القرض الذي دفعه الوسيط، وللوسيط الحقّ في بيع تلك العقود لغايات استيفاء القرض إذا بلغت خسارة العميل نسبةً مُعيَّنةً من الهامِش.
أسباب تحريم التّعامل بالمُتاجرة بالهامش
قرّر مجلس مجمع الفقه الإسلامي حرمة التعامُل بهذا النوع من التّعامُلات؛ للأسباب الآتية:[٣]
- اشتمال هذا النوع من التعامُل على الربا الصّريح، ويتمثّل في زيادة رسوم التّبييت على القرض، وهو من الرّبا المُحرَّم بلا شكّ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ).[٤]
- يشترط المصرف أن تتمّ التجارة عن طريقه؛ ممّا يجعل المُعاملة مُشترَكةً بين السّلف الذي هو القرض، والمُعاوَضة التي هي السّمسرة التي يأخذها المصرف أو الوسيط لقاء إتمامه للمُعاملة من خلاله، وقد نُهِي عن ذلك شرعًا؛ حيث اتّفق الفقهاء على أنّ أيَّ قرضٍ جرّ نفعاً فهو رباً.
- تشتمل المُتاجَرة التي تجري في هذه المُعامَلة في الأسواق العالميّة غالبًا على الكثير من العقود المُحرَّمة شرعاً، مثل: المُتاجَرة بالسندات المُحرَّمة، وبيع العُملات وشرائها دون إتمام شروط التّقابض، كما أنّ الوسيط في هذه المعاملات يبيع ما لا يملك، وذلك ممنوعٌ شرعًا.
- تؤدي هذه المعاملة العديد من الأضرار الاقتصاديّة على الأطراف المُتعامِلة بها، خاصَّةً المستثمر، وكذلك تُلحِق الضّرر بالاقتصاد المحليّ عمومًا؛ حيث تُوسّع الدّيون، وقد يتخلَّلها الخِداع، والتّضليل، والشائعات، والاحتكار، والنجش؛ بهدف الثراء السّريع، وامتلاك مُدّخرات الآخرين حتّى لو جرى ذلك بطُرقٍ غير مشروعةٍ.
- يحوّل هذا النوع من العقود الأموال والعوائد الماليّة في المجتمعات من كونها نشاطاتٍ اقتصاديَّةً حقيقيَّةً مُثمرةً إلى كونها مجازفاتٍ اقتصاديَّةً غير مُثمرةٍ، ممّا قد يؤدّي إلى حصول هزّات اقتصاديّة عالميّة ومحليّة عنيفة، تُلحق بالمجتمعات خسائر وأضرار فادحةً.
المراجع
- ↑ "حكم الاتجار في العملات"، الإسلام سؤال وجواب، 8/7/2005، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2022. بتصرّف.
- ↑ "شروط جواز التجارة في العملة الصعبة"، إسلام ويب، 21/4/2002، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد صالح المنجد (9-9-2007)، "حكم المتاجرة في العُملات بنظام الفوركس مع دفع رسوم على التبييت"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 278-279 .