حكم تربية الخيول في الإسلام
لقد خلق الله بني آدم وكرمّهم على سائرِ مخلوقاته، وأسبغَ عليهِم نعمة ظاهرةً وباطنة، وجعلَ لهم الأرضَ سكن لهم، وهيّأ لهم الدواب فتحملهم على ظهورها، ومن الأنعامِ ما يأكلونه ويستخرجونَ منهُ حِليَةً يلبسونها، ويقتاتون من ذلك، وإن من الأنعامُ ما هو أنفعُ من بعضه كالخيولِ والجمالِ حاجةُ الإنسانِ إليها شديدة، فهي تنقلهم وتنقلُ أمتعتهم إلى بلدٍ لم يكونوا ببالغيهِ إلّا بشقِّ الأنفس.
وأما عن حكمِ تربيةِ الخيول في الإسلام فقد وردَ في ذلكَ حديثٌ صحيحٌ طويل بيّن فيه رسول الله -صلى الله عليهِ وسلَّم- أنواع الخيل، وحكم اقتناءِ كل نوع، ومما يُستخلص من حديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلَّم- هو أن أنواع الخيل ثلاثة وهي كما يأتي:[١]
- النوع الأول: خيلٌ هي وِزرٌ على صاحبها؛ فصاحبها هو رجلٌ ربطها رياءً وفخرًا وزينةً ومباهاةً بين الناس، فهي عليهِ وزر يوم القيامة.
- النوعُ الثاني: خيل هي سترٌ لصاحبها؛ أي جعلها ليستغني بها عن حاجتهِ للناس، ويعفَّ نفسهُ عن سؤالهم، وهو من الذينَ يُخرجون زكاتها إن كانت أُعِدَت للتجارة، ولا يحمّلها ما لا تطيق، فهي ساترةٌ لفقرهِ وحاله.
- النوع الثالث: خيلٌ هي أجرٌ لصاحبها؛ فهو رجلٌ ربطها في سبيل الله -تعالى- لإعلاء كلمته ولنصرةِ دينه، ولتحملهُ لنشر لواء الإسلام وإنقاذ المظلومين، فهي له أجرٌ في الدنيا والآخرة.
ومما يُستخلَصُ مما سبق أن غاية الإنسان من تربيةِ الخيلِ هي التي تُحدد حكم تربيةِ الخيل، وإن هذه الأصناف الثلاثة لا يخرجُ عنها الخيل، ولعلَّ مما ينفعُ المسلم أن ينصرِفَ إلى ما يفيدهُ في الآخرة قبل الدنيا، وأن يُشغلَ نفسهُ فيما يحبّه الله ويرضاه، وأن يجتهد في التقرّب منه، وإن كان له ثمّة سعةٍ في المالِ والوقت فإن فعل الخير كثير وفير.
الآيات الواردة في الخيل في القرآن الكريم
لقد وردت الكثير من الآيات التي تتحدث وتصفُ الخيل في القرآن الكريم، ومنها ما يأتي:[٢]
- قال الله -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ).[٣]
- قال الله -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).[٤]
- قال الله -تعالى-: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).[٥]
- قال الله -تعالى-: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا).[٦]
أهمية الخيل في الإسلام
للخيلِ أهمية عظيمة في الإسلام، فهي التي ساعدت على الفتوحات الإسلامية في مختلف البلاد، وهي التي تحملُ على ظهورها الجنود الأشدّاء، الذين يبتغونَ نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله -سبحانهُ وتعالى-، وإن الخيلَ مخلصةٌ وفيّة تُقاتلُ مع صاحبها في المعارك، فمن أجل ذلك جعل الرسول -صلى الله عليهِ وسلّم- للفرس سهمين ولصاحبها سهمٌ من الغنيمة.[٧]
المراجع
- ↑ "حكم اقتناء الخيل"، اسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ "الخيل في القرآن"، الالوكة. بتصرّف.
- ↑ سورة ال عمران، آية:14
- ↑ سورة الانفال، آية:60
- ↑ سورة النحل، آية:8
- ↑ سورة العاديات، آية:1-5
- ↑ [سعيد حوَّى]، كتاب الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 361-368. بتصرّف.