ما الفرق بين السهو في الصلاة والسهو عن الصلاة

كتابة:
ما الفرق بين السهو في الصلاة والسهو عن الصلاة

الاختلاف بين السهو في الصلاة والسهو عن الصلاة

فرَّق الفقهاء بين السهو في الصَّلاة والسهو عن الصَّلاة، فهما أمرين مختلفين، فالسهو في الصلاة قد يحدث كثيرا، وما هو إلا لقلّة الخشوع في الصلاة، ففي السهو في الصلاة يكون المسلم حريصاً على أداء الصلاة، إلا أنه قد يسهو أثناء الصلاة فيفقد تركيزه من غير قصد أو علم، على خلاف الساهين عن الصلاة الذين ذمَّهم الله -عزَّ وجل-، فقال -عز وجل-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)،[١] فهم يتركون الصلاة متعمّدين قاصدين.[٢]


السهو في الصلاة

يكون السَّهو أثناء الصَّلاة إمَّا بالزِّيادة؛ كأن يزيد المصلي ركوعاً أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً، وإمَّا بالنَّقص؛ كأن ينقص المصلي ركناً من الأركان أو ينقص واجباً من الواجبات، وإمَّا بالشَّك؛ كأن يتردَّد كم صلَّى ثلاث أم أربع ركعات.[٣]


السهو عن الصلاة

إنَّ السَّهو عن الصَّلاة هو إضاعتها مع العلم والقصد، وعادةً ما تصدر عن نفاقٍ وقلة رغبةٍ في أداء العبادات، وهي من الأمور التي يؤاخذ ويُحاسب عليها العبد، وورد فيها التَّهديد والوعيد الخاص بالذين يتكاسلون عن أداء الصَّلوات المكتوبة، ويتهاونون بها ويتغافلون عنها، قال -تعالى-: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا).[٤][٥]


حكم السهو في الصلاة والسهو عن الصلاة

إذا سهى المصلي أثناء الصلاة بزيادة أو نقصان أو تردد، فإن صلاته لا تبطل، ولكن عليه الإتيان بما أنقصه أو نسيه إذا كان ركناً، بالإضافة إلى سجود السهو بعد السلام من الصَّلاة، فورد في الحديث: (أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- صلَّى إحدَى صلاتَيِ العَشيِّ خَمسًا، فقيلَ لَه: أزيدَ في الصَّلاةِ؟ قالَ وما ذاكَ؟ قالوا: صَلَّيتَ خَمسًا، قالَ إنَّما أنا بشَرٌ أنسى كما تَنسَونَ، وأذكُرُ كما تذكُرونَ، فسجدَ سجدتينِ ثمَّ انفتَلَ).[٦][٧]


وكان سهو الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء صلاته من تمام نعمة الله -عزَّ وجل-، وإكمال دين العباد، للاقتداء بما يشرعه لهم،[٧] أمَّا الساهي عن صلاته فهو متعمّد بالتهاون في صلاته، وإذا دُعِيَ أمام النَّاس صلّى؛ ليكون له قيمة في المجتمع، ولكي يحمده النَّاس عليها، وليس قصده أن يتقرب إلى الله -عزَّ وجل- بها، فهو مرائي، وفعله مذموم في الشريعة إذا لم يتب ويرجع إلى الله ويُحافظ على صلاته تقرّبا له -سبحانه-.[٨]


نصائح لتجاوز السهو في الصلاة والسهو عن الصلاة

هناك بعض الإرشادات والنَّصائح التي تساعد على تجاوز كلٍّ من السهو عن الصلاة، والسهو أثناء الصلاة، منها ما يأتي:[٩]

  • ترك كل ما يشغل عن الصلاة عند سماع الأذان، والذهاب للمسجد باكرا للرجل، والشروع في الصلاة على وقتها للمرأة.
  • الإقبال على الله -تعالى-، واستشعار عظمته، والتركيز في الصلاة بالقلب والجوارح، واستشعار مراقبة الله -تعالى-.
  • الابتعاد عن التفكير في الأمور الدنيويَّة وشواغلها وأحاديث النَّفس في الصلاة.
  • أن يتفل الإنسان عن يساره ويستعيذ بالله العظيم من الشَّيطان الرَّجيم ثلاث مرات قبل الصلاة، فإذا فعلها إيماناً واحتساباً أذهب الله -عزَّ وجل- كلَّ ما يوسوس له.
  • أن يتعرّف الساهي عن الصلاة على الله؛ من خلال معرفة صفاته، وعظمته، وقدرته، ورحمته، فهذا يجعله محبّاً للصلاة حريصاً على عدم تضييعها حتى يُرضي الله -عز وجل- عنه.
  • التعرّف على فضائل الصلاة العظيمة التي تحصل للعبد في دنياه وآخرته، وعدم نسيان الوعد والنّذير لمن يترك الصلاة أو يتكاسل عنها.


ملخّص المقال: فرَّق العلماء بين السهو عن الصلاة والسهو في الصلاة؛ فيكون السَّهو أثناء الصَّلاة إمَّا بالزِّيادة أو النقصان من غير قصد المصلِّي، وهو غير محاسب عليه، ولا تبطل صلاته لكن عليه أن يسجد للسهو بعد التسليم وأن يأتي بما تركه إن كان ركناً، أما السهو عن الصلاة فهو من صفات المنافقين الذين وعدهم الله بالعذاب الشديد، فيكون من يفعل ذلك متعمداً عن علم لا ناسياً.


المراجع

  1. سورة الماعون، آية:5
  2. محمد بن صالح العثيمين (1413)، جموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، صفحة 13، جزء 14.
  3. أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي، المعونة على مذهب عالم المدينة، صفحة 233.
  4. سورة مريم، آية: 59.
  5. حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري، غربة الإسلام المؤلف (الطبعة 1)، الرياض:دار الصيمعي، صفحة 542، جزء 2.
  6. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1258، حسن صحيح.
  7. ^ أ ب أبو عبد الرحمن التميمي (2003)، توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام (الطبعة 5)، مكة المكرمة:مكتبة الأسدي، صفحة 327، جزء 2.
  8. محمد بن صالح بن محمد العثيمين (2003)، تفسير جزء عم (الطبعة 2)، الرياض:دار الثريا، صفحة 328.
  9. محمد بن صالح بن محمد العثيمين، فتاوى نور على الدرب، صفحة 2، جزء 8.
15486 مشاهدة
للأعلى للسفل
×