علم التجويد
إنّ الله -تبارك وتعالى- حين أنزل القرآن الكريم على نبيّه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بوساطة جبريل -عليه السلام- فإنّه أنزله مُجوّدًا، وتلقّته الأمّة بالتّواتر جيلًا بعد جيل مُجوّدًا، وممّا يشيع في هذا العصر أنّ المسلمين صاروا يهتمّون بتفسير القرآن الكريم بدعوى تدبّره ويغضّون الطّرف عن الاهتمام بتجويده، وهذا -لا شكّ- خطأ كبير يُقترف بحقّ كتاب الله تعالى، ومن هنا تأتي أهميّة علم التجويد الذي يُعنى بإعطاء الحروف حقّها في القراءة، والتجويد في اللغة من الإحسان والإتقان، فيقولون فُلانٌ أجاد الشّيء إذا أتقنه وأحسنه، وأمّا في الاصطلاح فهو علمٌ يُعنى بإعطاء الحروف حقّها في النطق والمخرج، هذا من الناحية النظريّة، وأمّا من الناحية التطبيقيّة فعلم التجويد هو "علمٌ يبحثُ في قواعدِ تصحيحِ التّلاوة"، وتأتي أهميّة هذا العلم من حاجة العرب لقواعد تضبط لهم قراءة القرآن الكريم بعد تفشّي اللحن واختلاط العرب بالأعاجم، وسيقف المقال فيما يأتي حول تطبيق أحكام التجويد خارج قراءة القرآن هل تجب أو لا.[١]
مفهوم أحكام التجويد
إنّ أحكام التجويد هي القواعد الضابطة لعلم التجويد التي يستطيع المسلم من خلال تعلّمها أن يقرأ القرآن على نحو صحيح كما كان يقرؤه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكما كان يقرؤه جبريل -عليه السلام- حينما يتنزّل به على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وثمّة مسألة قد نبّه عليها بعض العلماء وينبغي كذلك التنبيه عليها هنا وهي حكم قراءة القرآن الكريم من دون أحكام التجويد جائزة أم لا، فذهب بعض العلماء إلى أنّ قراءة القرآن من دون أحكام التجويد في الصلاة أم في خارجها جائز ولكن من الأفضل للمسلم أن يقرأ القرآن بالتجويد كونه قد أُنزل بهذه الصفة، فبذلك يكون قراءة القرآن الكريم بالتجويد هو أمر مُستحبٌّ وليس بواجب، وإن استطاع المسلم أن يأتي بالقرآن بلغة العرب فهذا الأمر يكفي، ولكن بالتجويد تكون قراءة القرآن أكمل،[٢] وأحكام التجويد كثيرة منها ما يأتي:[٣]
- أحكام النون الساكنة والتنوين.
- أحكام النون والميم المُشدَّدتين.
- أحكام الميم الساكنة.
- أحكام اللام.
- مخارج الحروف.
- صفات الحروف.
- التفخيم والترقيق.
- المد والقصر.
- الوقف والابتداء.
- المقطوع والموصول، وغيرها.
حكم تطبيق أحكام التجويد خارج قراءة القرآن
تقف الفقرة الأخيرة من هذا المقال مع بيان حكم تطبيق أحكام التجويد خارج قراءة القرآن الكريم، وهذا سؤال يتكرّر كثيرًا ويُقصد به تطبيق أحكام التجويد على الكلام من غير القرآن الكريم، والرّأي الذي عليه العلماء أنّ أحكام التجويد خاصّة بالقرآن الكريم ولا ينبغي لها أن تُطبَّقَ في غير قراءة القرآن الكريم، ولم يُروَ عن أحد من السلف الصالح أنّهم طبّقوا أحكام التجويد على شيء من النثر أو الخطب أو الشعر أو الحديث النبوي، وقد ورد في الصحيحين -واللفظ للبخاري- أنّ رجلًا قال لابن مسعود رضي الله عنه: "قَرَأْتُ المُفَصَّلَ البَارِحَةَ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ؟! إنَّا قدْ سَمِعْنَا القِرَاءَةَ، وإنِّي لَأَحْفَظُ القُرَنَاءَ الَّتي كانَ يَقْرَأُ بهِنَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ، وسُورَتَيْنِ مِن آلِ حم"،[٤] ولكنّ ممّا يروى عن السلف أنّهم كانوا يخصّون حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقراءته بتمهّل؛ لما روي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ"،[٥] والله أعلم.[٦]
المراجع
- ↑ "تعريف علم التجويد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.
- ↑ "حكم قراءة القرآن بغير أحكام التجويد"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.
- ↑ "أحكام تلاوة القرآن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5043، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3568، حديث معلق.
- ↑ "أحكام التجويد خاصة بقراءة القرآن الكريم دون غيره"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.