الرفق بالحيوان
يُعدّ الرفق بالحيوان والإحسان إليه من العبادات التي قد تصل بالعبد إلى أعلى درجات الأجر والثواب، فقد اعتنت الشريعة الإسلامية بالحيوان؛ من طعامه وشرابه ومسكنه، كما أنّها وضعت مبدأ الرفق بالحيوان وليس الغرب كما يظن البعض، ومن الجدير بالذكر أنَّ السنة النبوية ذكرت العديد من الأحاديث الدّالةِ على الإحسان إلى الحيوان؛ ومن أكثرها رحمة ورفقًا بالحيوان حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله قال: "بينَما رَجلٌ يَمشي بِطَريقٍ فاشتَدَّ علَيهِ العطَشُ فوجَدَ بِئرًا فنزلَ فيها فشَربَ، ثمَّ خرجَ فإذا كَلبٌ يلهَثُ يأكلُ الثَّرى مِنَ العطَشِ، فقالَ الرَّجُلُ: لقَد بلغَ هذا الكَلبَ مِنَ العطَشِ مِثلُ الَّذي كانَ بلغَني فنزلَ البئرَ، فَملأَ خُفَّهُ فأمسَكَهُ بفيهِ، حتَّى رقيَ فسقَى الكلبَ، فشَكَرَ الله لَهُ فغفرَ لَهُ. فقالوا: يا رسولَ الله وإنَّ لَنا في البَهائمِ لأجرًا؟ فَقالَ في كلِّ ذاتِ كبِدٍ رطبةٍ أجرٌ"،[١] ولكن ركزت الشريعة على إيذاء الحيوان أيضًا وحذرت منه، لذلك سيام طرح حكم تعذيب الحيوانات وضوابط قتلها في هذا المقال.[٢]
حكم تعذيب الحيوانات
إنَّ الرفق بالحيوان له الفضل والأجر العظيم وقد أوصلت الشريعة الإسلامية الإيذاء والإساءة للحيوان إلى أكبر درجات الإثم والمعصية، بدليل حديث عبدالله بن عمر حيث قال: "عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْض"،[٣][٤] وحكم تعذيب الحيوانات جاء بالنهي لأي صورة كانت سواء للذبح أم لإراحته من المرض أم لغير ذلك، لذلك جاء بالشريعة أنّه من عذّب حيوانًا عن قصدِِ فعليه التوبة والإستغفار وعدم العودة لمثِل هذا الفعل الذي قد يدخل صاحبه النار كما في الحديث السابق،[٥] حيث إنّ الإسلام أوصى الإنسان بالرفق بالحيوان حتى عند الذبح للأضحية، وجعل هنالك طريقة شرعية فيها ما فيها من الرحمة، فلذلك حكم تعذيب الحيوانات غير جائز، وسيتم التعرف فيما يأتي على ضوابط قتل الحيوانات في ضوء الشريعة الإسلامية.
ضوابط قتل الحيوانات
لقد دلّت نصوص الشريعة على وجوب الإحسان إلى الحيوان، ولكن إن تعدى الحيوان على الإنسان أجازت الشريعة بقتله، لأن أولى مقاصدها حفظ حياة الإنسان وماله وعرضه تكريمًا له؛ وقد ورد في السنة النبوية ضوابط قتل الحيوان ومنها ما ذُكر في حديث رسول الله حيث قال: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لا حَرَجَ علَى مَن قَتَلَهُنَّ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والفَأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والكَلْبُ العَقُورُ"،[٦][٧] فهذه الحيوانات تقتل بإجماع العلماء، واختلفوا في باقي الحيوانات؛ فهنالك الحيوان المستأنس؛ كالأنعام والدجاج وغيرها، والحيوان الذي لا يؤكل والحيوان البري، والحيوان المؤذي؛ قال الشافعي: أنّه كل ما لا يؤكل يجوز قتله، وذهب مالك وأحمد إلى المعنى الجامع لطبيعة الإيذاء، وعليه فإن الضابط الشرعي لقتل الحيوان هو وصول الإيذاء إلى الإنسان.[٨]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2550، صحيح.
- ↑ " الآثار في الرفق بالحيوان"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3482، صحيح.
- ↑ "الإساءة للحيوان معصية لله"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "فصل: تعذيب الحيوان"، http://www.al-eman.com/، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1828، صحيح.
- ↑ "ما حكم قتل الكلب العقور"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "باب ما يجوز قتله"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.