حكم ذبح البقر وأكله في المناسبات والأعياد

كتابة:
حكم ذبح البقر وأكله في المناسبات والأعياد

حكم ذبح البقر

يوضِّح المقال أهمَّ الأحكام التي تتعلَّق بموضوع ذبح البقر وأكله، فيتناول حكم الأُضحية بالبقر، وحكم العقيقة بالبقر، وحكم أكل لحم البقر في المناسبات والأعياد، وبيان كيفيَّة الذَّبح الصَّحيحة التي وردت في الشَّريعة الإسلاميَّة، بالإضافة إلى أهمِّ الأُمور التي يجب مراعاتها عند التذكية الشَّرعيَّة.

واتَّفق أهل العلم على جواز ذبح البقر، ودليلهم في هذا قوله -تعالى- في قصَّة بقرة بني إسرائيل: (إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً)،[١] وبيان حكم ذبح البقر في كلٍّ من الأُضحية والعقيقة فيما يأتي:[٢]

حكم ذبح البقر في الأضحية

يجوز ذبح البقر في الأضحية وذلك لعموم قوله -تعالى-: (إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً)،[١][٣] أمَّا بالنِّسبة لسنِّ البقرة المراد ذبحها في الأضحية فيجب أن تكون قد أتمَّت السَّنتين ودخلت في الثَّالثة.[٤]

ويمكن الاشتراك في أضحية البقرة؛ وذلك للحديث الذي رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حيث قال: (نَحَرْنَا مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عَامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ)،[٥] فالبقرة تجزئ عن سبعة أشخاصٍ في الأضحية.[٦]

حكم ذبح البقر في العقيقة

تعدّدت آراء أهل العلم في جواز ذبح البقر في العقيقة؛ فذهب جمهورهم إلى جواز ذلك مع القول بأفضليَِّة ذبح الشياه حال وجودها، ولكن عند عدم القدرة على ذبح شاتين فيمكن ذبح البقر، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (يُعَقُّ عنه من الإبلِ والبقرِ والغنمِ).[٧][٨]

ولكن هذا الحديث ليس بثابتٍ، حيث حكم الألباني -رحمه الله- بوضعه، ويجدر بالذّكر إلى أنّه لا يجوز الاشتراك في عقيقة البقرة؛ لأنَّها ليست كالأضحية، حيث قال الإمام أحمد -رحمه الله- أنَّ من أراد أن يذبح واحدةً من الإبل عقيقةً لابنه فالواجب عليه أن يجعلها كاملةً، وتُقاسُ البقرة عليها في هذا الباب.[٨]

حكم أكل لحم البقر في المناسبات والأعياد

اتَّفق أهل العلم على أنَّ لحم البقر حلال الأكل،[٩] حيث وردت الكثير من الأدلَّة الشَّرعيَّة التي تبيِّن جواز أكل لحم البقر، ومنها قوله -تعالى- في سورة الحج: (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)،[١٠] وقوله -تعالى- في سورة النَّحل: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)،[١١] فالبقر هو أحد أنواع الأنعام التي أحلّها الله -عزّ وجلّ- لعباده.[١٢]

ومن الآيات التي ذُكر فيها البقر بشكلٍ خاص، قوله -تعالى- في سورة الأنعام: (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ).[١٣][١٢]

وقد جاءت هذه الآية للإنكار على من يقوم بتحريم ما أحلَّه الله -تعالى- بلا دليلٍ وينسب ذلك إلى الله -عزَّ وجلَّ- افتراءً وزورا، فذبح البقر في الأضحية والعقيقة جائزٌ كما تقدَّم وأكل لحمه في المناسبات والأعياد وغيرهما من الأوقات جائزٌ أيضا؛ فالأصل في الحيوانات الإباحة والجواز إلَّا ما وردت الأدلَّة الشَّرعيَّة بتحريم أكل لحمه.[١٢]

وقد ورد حديثٌ يبيّن أنَّ لحم البقر فيه ضرر على صحَّة الإنسان ولكنَّ هذا الحديث موضوعٌ، إذ ثبت جواز أكل لحم البقر بأدلَّةٍ شرعيَّةٍ ثابتةٍ، وما أباحه الله -تعالى- شرعًا لا يمكن أن يكون له ضررٌ على العباد إذا تناولوه أو قاموا به، فالله -تعالى- رحيمٌ بعباده عالمٌ بما يُصلح أحوالهم ولا يبيح لهم إلَّا ما ينفعهم ولا يشكِّل ضررا عليهم، كما تقدَّم الحديث الذي ذُكر فيه أنَّ ذبح البقر كان على عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عام الحديبية، ولو كان فيه ضررٌ لما أقرَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه على ذبحها في الأضحية التي تعتبر شعيرةً دينيَّةً في مناسبةٍ عظيمةٍ وهي عيد الأضحى.[١٢]

كيفية ذبح البقر

تنقسم تذكية الحيوانات في الإسلام إلى أنواعٍ عديدةٍ ومنها الذَّبح والنَّحر، فالذَّبح هو قطع الحُلقوم عن المفصل بين العنق والرأس، أمَّا النَّحر فهو قطع العروق أسفل العُنُق عند الصَّدر، فالذَّبح يكون من أعلى العنق أمَّا النَّحر فمن أسفله، ولكلِّ حيوانٍ من الحيوانات طريقةٌ شرعيَّةٌ خاصَّةٌ لذبحه.[١٤]

وقد اتَّفق أهل العلم على جواز ذبح البقر ونحرها، ودليلهم على جواز النّحر ثبوت هذا الفعل عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أمَّا دليلهم على جواز ذبح البقر فهو أمر الله -تعالى- لبني إسرائيل بذبح بقرة.[٢]

ومع القول بجواز ذبح البقر ونحره إلَّا أنَّ الأفضليَّة للذَّبح لورود الأمر الإلهي بذلك، وقد قال العلماء أيضاً تعليلًا لجواز نحر البقر وذبحه أنَّ عنق البقرة أطول من عنق الشَّاة وأقصر من عنق البعير، فجاز فيها الأمران الذَّبح والنَّحر؛ لقرب خروج الدَّم من جوفها عند ذبحها، ولأنّ النَّحر فيها أخف، إذ إنَّ المراعى عند تذكية الحيوان هو اختيار الطَّريقة الأنسب والأسهل والتي فيها راحةٌ له، وبيان بعض النقاط المهمَّة التي يجب مراعاتها عند ذبح البقر فيما يأتي:[١٥][١٦]

  • يستحبّ ذبح البقرة وهي مضطجعة على جنبها الأيسر مع إطلاق رجلها اليمنى وشدِّ قوائمها الثَّلاث الباقيات.[١٧]
  • المسلم مخيَّر في تذكية البقر ما بين الذَّبح والنَّحر.
  • أَمَر عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بعدم سلخ الحيوانات قبل التأكّد من مفارقة الرُّوح لها.
  • نهى عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النَّخع؛ وهو القتل الشَّديد والمبالغة في القطع حتى يصل إلى النُّخاع وهو خيط الرَّقبة.
  • أقل الذَّبح هو قطع الحلقوم والمريء، وكماله يكون بقطع الودجين معهما.
  • كره الإمام الشَّافعيُّ -رحمه الله- نحر البقر مع قوله بجواز ذلك،[١٨] وكره الإمامان أبو حنيفة ومالك ذلك، وقال الإمام أحمد: لا يُكره.
  • قال الماوردي -رحمه الله- أنَّ السُّنَّة ذبح البقرة وهي مضجوعة، ومَنْ ذَبَحها قائمة فقد أجزأه ذلك مع الإساءة.[١٨]
  

المراجع

  1. ^ أ ب سورة البقرة، آية:67
  2. ^ أ ب ابن رشد الحفيد، كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد، صفحة 207. بتصرّف.
  3. السبكي، محمود خطاب، كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق، صفحة 54. بتصرّف.
  4. البغوي، أبو محمد، شرح السنة للبغوي، صفحة 329. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1318، حديث صحيح.
  6. البغوي، أبو محمد، شرح السنة للبغوي، صفحة 354-355. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1168، حديث موضوع.
  8. ^ أ ب عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 17. بتصرّف.
  9. ابن القطان الفاسي، كتاب الإقناع في مسائل الإجماع، صفحة 323. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:30
  11. سورة النحل، آية:5
  12. ^ أ ب ت ث وليد السعيدان، كتاب تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية، صفحة 52. بتصرّف.
  13. سورة الأنعام، آية:144
  14. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 140. بتصرّف.
  15. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 176. بتصرّف.
  16. البغوي، أبو محمد، شرح السنة للبغوي، صفحة 221. بتصرّف.
  17. السبكي، محمود خطاب، كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق، صفحة 295. بتصرّف.
  18. ^ أ ب الماوردي، كتاب الحاوي الكبير، صفحة 377. بتصرّف.
3072 مشاهدة
للأعلى للسفل
×