حكم زكاة الذهب

كتابة:
حكم زكاة الذهب

حكم زكاة الذهب

أجمع الفُقهاء على وُجوب الزكاة في الذهب من حيث الجُملة، لقول الله -تعالى-: (وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)،[١][٢] وتجب الزكاة في الذهب سواء كان على شكلِ نُقودٍ، أو سبائك، أو حُليّ،[٣] وتجب الزكاة فيه عند حولان الحول عليه، وبُلوغه النّصاب؛ وهو عشرون ديناراً من الذهب فأكثر؛ أي ما يعادل بالأوزان المُعاصرة 85 غراماً، ويُزكّى بِمقدار رُبع العُشر.[٤]


أمّا في حالة خلط الذهب بشيءٍ آخر كالنُّحاسِ مثلاً، فلا زكاة فيه حتّى يبلغ ما فيه من الذهب الخالص نصاباً كاملاً، سواء كان الذهب أكثر من الشيء المخلوط به أو أقل منه، وهو قول الشافعيّة، والحنابلة، ويرى الحنفيّة أنّ العبرة للغالب فيه؛ فإن كان الغالب ذهباً فيعتبر كلّه ذهباً ويُزكّى زكاة الذهب، وإن كان الغالب فضةً فحكمه كلّه حكم الفضة، وأمّا إذا كان الغالب هو النّحاس فيُزكّى كالنُّقود إذا راج* في الاستعمال مثل رواج النّقد، وكذلك إذا بلغ الخالص فيه النّصاب، أمّا إذا نوى الشخص به التّجارة فيُزكّى زكاة عُروض التّجارة، ويرى المالكيّة أنّ الذهب المخلوط أو ما يُسمّى بالمغشوش إن راج كرواج الذهب الخالص؛ يُزكّى الخالص فيه، وإن لم يكن رائجاً كرواج الذهب الخالص فيُزكّى فقط إذا بلغ الخالص فيه النّصاب.[٥]


حكم زكاة الحلي من الذهب

ذهب الفُقهاء في حُكم زكاة الحُليّ المصنوع من الذهب إلى قولين، وهُما فيما يأتي:[٦]

  • القول الأول: عدم وُجوب الزكاة في حُليّ المرأة من الذهب، وقد ذهب إلى هذا القول جمهور العُلماء، وهو قول ابن عُمر، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهم-، واستدلّوا بالعديد من الأدلة، ومنها فعل ابن عُمر -رضي الله عنه-: (كان يُحلّي بناتَه وجواريه الذهبَ ثم لا يُخرجُ منه الزكاةَ)،[٧] وغير ذلك من الأدلة.
  • القول الثاني: وجوب الزكاة في الذهب مُطلقاً، بشرط حولان الحول، وبُلوغ النّصاب، سواء تمّ اتخاذه بنيّة اللبس، أو الاكتناز، أو الاقتناء، أو التجارة، وهو مذهب الحنفيّة، واستدلّوا بِعموم النُصوص الدالة على زكاة الذهب، كقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)،[٨] وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما من صاحبِ ذهبٍ لا يؤدي ما فيها؛ إلا جعل له يومَ القيامةِ صفائحَ من نارٍ يُكوَى بها)،[٩] كما استدلّوا بحديث عائشة- رضي الله عنها-: (دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فرأى في يديَّ فتَخاتٍ من وَرِقٍ، فقالَ: ما هذا يا عائشةُ؟، فقلتُ: صنعتُهُنَّ أتزيَّنُ لَكَ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: أتؤدِّينَ زَكاتَهُنَّ؟ قلتُ: لا، أو ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: هوَ حَسبُكِ منَ النَّارِ)،[١٠] بالإضافة إلى بعض الآثار الواردة عن بعض الصحابة الكرام.


كيفية إخراج زكاة الذهب

تُخرج زكاة الذهب عند بُلوغه النّصاب وهو 85 غراماً؛ بِمقدار رُبع العُشر؛ أي 2.5%، فإذا أراد المسلم إخراج زكاته فإنّه يقوم بتقسيم مجموع غرامات الذهب على العدد أربعين، ويكون الناتج هو مقدار الزكاة الواجبة، أو يقوم بتقسيم مجموع الغرامات على العدد عشرة، ثُمّ على العدد أربعة، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة، وإذا أراد إخراج زكاة الذهب بالنُّقود، فإنّه يقوم بضرب مجموع غرامات الذهب بسعر الغرام الواحد حسب العملة في بلده، ثمّ يقسّم الناتج على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.[١١][١٢]


__________________________

الهامش

* راج: من الرواج؛ أي الانتشار والتداول به والإقبال عليه.[١٣]


المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 34-35.
  2. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 262، جزء 23. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 24، جزء 3. بتصرّف.
  4. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 592. بتصرّف.
  5. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 555، جزء 1. بتصرّف.
  6. كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 23-26، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه ابن الأثير، في شرح مسند الشافعي، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/72، صحيح.
  8. سورة التوبة، آية: 34.
  9. رواه الألباني، في تمام المنة، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 361، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1565، صحيح.
  11. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1822، جزء 3. بتصرّف.
  12. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  13. "تعريف ومعنى رواج في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-1-2021. بتصرّف.
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×