مفهوم الإسكار
الإسكار في اللغة هو مصدر الفعل أسْكَرَ، ويُقال حاول إسكاره أي أنّه حاول جعله يسكر والمعنى أنّ يفقد الإنسان عقله وإدراكه، أمّا إسكارُ النفس فهو جعلها في نشوة، والسَّكْر هو المادة التي تُسكر الإنسان من شراب أو خمور، ويُقال أيضًا سَكَرَت الريحُ أيّ سكنت وهدأت، وسَكَر البصر أيّ سكن،[١] والمُسكرات في الشريعة هي كلّ مادة يؤدي تناولها إلى تغطية العقل فيخرج عن طبيعته الواعية المميزة، وقد تكون هذه المسكرات جامدةً أو مائعة، كما يمكن أن تكون طعامًا أو شرابًا مصنوعًا من تمر أو عنب أو لبن أو غيرها، وسيوضح هذا المقال عن حكم شرب الخمر وهو أحد المُسكرات، وهو ما خامر العقل هو خمر وله الحكم ذاته.[٢]
حكم شرب الخمر
بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حكم شرب الخمر، من أي شيء صُنعت أو إن كانت شرابًا أو طعامًا، فقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ"،[٣] والخمر لا شكّ من المُسكرات، والتي حُرمت بإجمالها من طعام أو شراب أو تدخين، كما أنّها مُحرّمة ولو كانت بكمية قليلة جدًا، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الشريف: "ما أَسكَرَ كثيرُه، فقَليلُه حَرامٌ"،[٤] وقد حرّم الله تعالى كل ما يضّر بالإنسان ويذهب عقله أو بدنه، فحرّم المسكرات جميعها تحريمًا شديدًا وأمر باجتنابها مع جملة مما نهى الله عن فعله، وكان ذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،[٥] ولم يقل الله تعالى في التنزيل الحكيم "اتركوه" بل قال "اجتنبوه" وهي دلالة على شدّة التحريم،[٦] كما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ما يوضح أنّ شرب الخمر دليل نقص فيالإيمان، وذلك في قوله صلّى الله عليه وسلم: "لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ"،[٧] والله تعالى أعلم.[٨]
الحكمة من تحريم شرب الخمر
بعد توضيح حكم شرب الخمر في الإسلام، فقد يسأل المسلم عن الحكمة من تحريم شرب الخمر، ولماذا نهى الله ورسوله عنها، والخمر هي من الخبائث ومحرّمة تحريمًا تامًا في الإسلام بكثيرها وقليلها، ويأتي التحريم في الشريعة الإسلاميّة لحفظ النفس وصيانة الجسد، وليس من أجل العقوبة أو الحرمان، ومن هذا الباب فقد حُرمت الخمر لأنّها تغيّب عقل من يشربها، فتجعله يقوم بأفعالٍ تضرّ ببدنه وبروحه وبماله وبأولاده وبعرضه وبشرفه وبمجتمعه وبالناس من حوله أيضًا، إضافةً إلى ذلك فشرب الخمر يؤدي إلى إصابة الجسد بأمراضٍ كثيرة كالضغط وتشمّع الكبد والجنون والبَلَه، كما أنّ تغييب العقل بسبب شرب الخمر يُعطّل الإنسان عن عمله وعن عبادته، فتناول الإنسان للخمر هو جناية على عقله الذي كرّمه الله به وشرّفه على باقي المخلوقات، ولذلك كان تحريم الخمر شُربًا وتجارةً أو زراعةً، لصيانة الأبدان والعقول وحفظ الأعراض والأموال والأخلاق والنفوس من الهلاك.[٩]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الإسكار في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، 2020-04-27، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-27. بتصرّف.
- ↑ "المسكرات والمخدرات: حقيقتها وأسبابها وأضرارها"، www.alukah.net، 2020-04-27، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-27. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2003، حديث صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند ، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:12099، حديث صحيح على شرط مسلم.
- ↑ سورة المائدة، آية:90
- ↑ "حكم المخدرات والخمر"، binbaz.org.sa، 2020-04-27، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-27. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5578، حديث صحيح.
- ↑ ".حكم الخمر"، www.al-eman.com، 2020-04-27، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-27. بتصرّف.
- ↑ "حكمة تحريم الخمر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.