محتويات
حكم صلاة الرجل منفرداً في البيت
القول الأول: صلاة الجماعة فرض عينٍ
قال الحنفية والحنابلة إنّ صلاة الفريضة جماعةً في المسجد فرض عينٍ على كلّ رجلٍ مكلّفٍ، ولا يجوز ترك الجماعة دون عذرٍ معتبرٍ شرعاً وإلّا ترتّب الإثم، وهو القول الذي اختاره أيضاً ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية، وطائفةٌ من أهل السلف، واستدلّوا بأدلّةٍ عدّةٍ، منها:[١][٢][٣]
- قال الله -تعالى-: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ)،[٤] فالأمر بالصلاة حال الخوف يدلّ على وجوبها حال الأمن من بابٍ أولى.
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ)،[٥] ففي الحديث أمرٌ بشهود الصلاة جماعةً وتحذيرٌ من تركها.
- أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ)،[٦] ويُستدلّ على وجوب الصلاة جماعةً بأمر النبيّ للرجل الأعمى بحضور صلاة الجماعة فمن بابٍ أولى حضورها من المسلمين عامةً الذين لا يشتكون ألماً ولا مرضاً.
القول الثاني: صلاة الجماعة فرض كفاية
قال الشافعية إنّ صلاة الفريضة جماعةً في المسجد فرض كفايةٍ؛ لإظهار شعائر الإسلام، وأنّها بذلك تسقط على الباقين بأداء طائفة من الرجال لها جماعة، فإن اتفق الجميع على تركها لحقهم الإثم جميعاً.[٢][٣]
القول الثالث: صلاة الجماعة سنةٌ مؤكدةٌ
قال المالكية إنّ صلاة الجماعة في المسجد سنّةٌ مؤكدةٌ، واستدلوا بعدّة أدلةٍ، يُذكر منها:[٢][٣]
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا)،[٧] ووجه الدلالة من الحديث أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فضّل صلاة الجماعة على صلاة الفرد دون أن يُنكر على الفرد.
- ورد عن يزيد بن الأسود العامري -رضي الله عنه-: (أنَّهُ صلَّى معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ غلامٌ شابٌّ فلمَّا صلَّى إذا رجلانِ لم يصلِّيا في ناحيةِ المسجدِ فدعا بِهما فجئَ بِهما ترعَدُ فرائصُهما فقالَ ما منعَكما أن تصلِّيا معنا قالا قد صلَّينا في رحالِنا فقالَ لا تفعلوا إذا صلَّى أحدُكم في رحلِهِ ثمَّ أدرَكَ الإمامَ ولم يصلِّ فليُصلِّ معَهُ فإنَّها لَهُ نافلةٌ)،[٨] ووجه الدلالة من الحديث أنّ النبيّ -عليه السلام- لم ينكر على الرجلين لصلاتهما الفريضة في رحالهما واعتبر صلاة الجماعة لهما نافلةً.
المراجع
- ↑ "المَطلَب الأوَّل: حُكمُ صلاةِ الجماعةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 280-285. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "مذاهب العلماء في حكم الجماعة في المسجد"، إسلام ويب، 20/11/2012، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:102
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:651، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:653، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:647، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن يزيد بن الأسود العامري السوائي، الصفحة أو الرقم:575، حديث صحيح.