محتويات
القول الأول: فرض عين
قال بعض فقهاء الحنفية إن صلاة العيد تجب على كل من تجب عليه صلاة الجمعة؛ أي لا تجب على النساء والمسافر والمريض وغيرهم، وصحّح هذا القول الزيلعي، والمرغيناني، وابن همام، والموصلي، والكاساني،[١] واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[٢] وبقوله -تعالى-: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[٣][٤]
ووجه الاستدلال من الآيتين:[٤]
- إن المقصود بالتكبير والصلاة هو صلاة العيد، وجاءت على صيغة الوجوب؛ أي إن الله -تعالى- أمر بها، والأمر هنا يقتضي الوجوب.
- إن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه -رضي الله عنهم- كانوا مواظبين على أدائها، ومداومتهم على أدائها دليل على وجوبها.
- إنها من شعائر الله -تعالى-، ومعلم من معالم الدين الظاهرة، فكانت واجبة كصلاة الجمعة.
- لأنه وجب قتال تاركيها، ولو لم يجب لكانت كسائر ترك السنن لا يتوجب عليها عقوبة القتال.
القول الثاني: سنة
قال شمس الأئمة السرخسي إنّ صلاة العيد ها سنة، ولكن يجب تعظيمها لأنها من معالم الدين، فأخذها هدى، وتركها ضلالة،[٥] واستدلوا بما يأتي:[٦]
- (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَإِذَا هو يَسْأَلُهُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ)،[٧] ووجه الاستدلال من الحديث أنه لو كانت صلاة العيد فرض عين لذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام- مع الصلوات المفروضة، ولأمر الأعرابي بها.
- (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بَعَثَ مُعَاذًا -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- إلى اليَمَنِ، فَقالَ: ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ).[٨] ووجه الاستدلال من الحديث: لو كانت واجبة لذكرها الرسول -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ -رضي الله عنه- حال تعليم الناس أمور دينهم.
- قالوا إنها صلاة لا أذان لها؛ فتكون كحكم صلاة الكسوف، والخسوف، والاستسقاء، وغيرها من السنن.
القول الثالث: فرض كفاية
يرى بعض فقهاء الحنفية أنّ صلاة العيد فرض على الكفاية، واستدلوا بأدلة القول الأول والثاني، وجمعوا الأدلة وقالوا إن النصوص تدل على أنها فرض كفاية لا تجب على كل عين؛[٩] أي لا تجب على كل مسلم، فلو أدّاها جمعٌ من المسلمين سقطت عن الباقين.
الراجح في حكم صلاة العيدين عند الحنفية
إنّ الأصح والراجح عند الحنفية أن صلاة العيدين واجبة -فرض عين-، وذلك لعدة أسباب:[١٠]
- إنها من أعظم شعائر الله -تعالى-، وفيها تكبير وصلاة، والمسلمون يجتمعون في هذين العيدين أكثر من صلاة الجمعة.
- أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- النساء للخروج لصلاة العيد، وحتى الحيض منهن لا حرج في حضورهن الصلاة، ودليل ذلك: (أُمِرْنَا أنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الحُيَّضَ، والعَوَاتِقَ، وذَوَاتِ الخُدُورِ- قالَ ابنُ عَوْنٍ: أوِ العَوَاتِقَ ذَوَاتِ الخُدُورِ- فأمَّا الحُيَّضُ: فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، ودَعْوَتَهُمْ ويَعْتَزِلْنَ مُصَلَّاهُمْ).[١١]
المراجع
- ↑ عبد المحسن القاسم ، المسبوك على تحفة السلوك في شرح تحفة الملوك، صفحة 267. بتصرّف.
- ↑ سورة الكوثر، آية:2
- ↑ سورة البقرة، آية:185
- ^ أ ب الخزرجي المنبجي ، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، صفحة 308. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن القاسم ، المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك، صفحة 267. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن القاسم ، المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك، صفحة 269-270. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم:2678، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1395، صحيح.
- ↑ عبد المحسن القاسم ، المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك، صفحة 270. بتصرّف.
- ↑ السمرقندي، علاء الدين، تحفة الفقهاء، صفحة 166. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم:981، صحيح.