حكم طواف الإفاضة للحائض والنفساء

كتابة:
حكم طواف الإفاضة للحائض والنفساء

حكم طواف الإفاضة للحائض والنفساء

يُشترط لصحّة الطّواف ببيت الله الحرام الطّهارة، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين الفقهاء، وبناءً عليه فإنّ المرأة الحائض أو النّفساء لا يَصحّ طوافها، ولو أنّ امرأة داهمها الحيض في وقت الحجّ بعد الإحرام فإنّها تُتمّ أعمال الحجّ جميعها وتؤجّل الطّواف مُنتظرةً إلى أن تَطهر، ثمّ تؤدّي طواف الإفاضة إن كان بإمكانها المكوث في مكّة أو السّفر لمكان قريب والعودة لأداء الطّواف.[١]


ولكن قد لا تتمكن المرأة من فعل ذلك؛ إذ قد يشقّ عليها الانتظار وخاصة إذا كانت مسافرة مع مجموعة من الرّفاق وتخشى على نفسها الضّياع وعدم اللّحاق بهم،[١] ففي هذه الحالة ذهب الفقهاء إلى أقوال عدّة في حكم طواف الإفاضة في حقّها وهي حائض، وذلك بسبب تعدد آرائهم في وجوب الطّهارة للطّواف كما يأتي:[٢]
  • جمهور الفقهاء: ذهبوا إلى القول بعدم صحة الطّواف أبداً في وقت الحيض؛ وذلك عملاً بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال لعائشة -رضي الله عنها- وقد حاضت في وقت الحجّ: (افْعَلِي كما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي).[٣]
  • الحنفية: يرون أنّها تطوف ويصحّ طوافها، ولكن يلزمها ذبح بدَنَة.[٤]
  • ابن تيمية: قال إنَّ المرأة بهذه الحالة تطوف ويُجزئ طوافها ولا تأثم ولاشيء عليها،[٥] وهذا هو قول المعتمد عند المالكية أيضاً.[١]


ما هو طواف الإفاضة

هو الطّواف الواجب على الحُجّاج عندما يفيضون إلى مكّة من مِنى للزّيارة يوم النّحر، ولذلك يُطلق عليه طواف الزّيارة، أو طواف الحجّ،[٦] وطواف الإفاضة له أسماء أخرى؛ إذ يُسمّى بطواف الصّدر وذلك لأنّ الحجّاج يصدرون إليه ويأتونه من مِنى، ويسمّى طواف الرُّكن لأنّه مُتعيّن على الحُجّاج ومُفروض عليهم، كما يُسمّى أيضاً طواف النّحر لأنّه يكون في يوم النّحر.[٧]


حكم طواف الإفاضة للحاج

يعدّ طواف الإفاضة أحد أركان الحجّ الذي لا يتمُّ الحجّ ولا يكتمل إلّا به، ولا ينوب عنه شيء أبداً،[٨] وقد اتّفق الفقهاء على عدم صحّة الحجّ بدونه، ولا يُجبر بذبح ولا بفدية،[٩] ودليل فرضيّته قول الله -تعالى-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[١٠] وفي حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (حَجَجْنَا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأفَضْنَا يَومَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فأرَادَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منها ما يُرِيدُ الرَّجُلُ مِن أهْلِهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّهَا حَائِضٌ، قالَ: حَابِسَتُنَا هي؟ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَاضَتْ يَومَ النَّحْرِ، قالَ: اخْرُجُوا)،[١١] ما يدلّ على أنّ طواف الإفاضة لا بدّ من إتمامه، وأنّه حابس لمن لم يؤديه.[١٢]


وقت طواف الإفاضة

يجب أداء طواف الإفاضة في الوقت المُحدّد له ولا يصحّ قبل ذلك، وأوّل وقته هو طُلوع فجر يوم النّحر عند الحنفية والمالكية، ويصحّ من منتصف ليلة النّحر عند الشّافعية والحنابلة، ووقته فيه مُتّسع فيكون آخر وقته عند الحنفية هو آخر أيام التشريق، في حين يظلّ وقته طيلة شهر ذي الحجّة عند المالكية وإنّ أخّره صاحبه عليه دم، بينما يرى الشافعية والحنابلة عدم وجود وقت لآخره، ومن أخّره لا شيء عليه لكنّه لا يسقط عنه بل يظلّ صاحبه مُحرِماً إلى أن يؤدّيه، ويُستحسن للحاجّ أن يطوفه كما طافه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- في أوّل أيام النّحر اقتداءً به.[١٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ت لجنة الافتاء (16/3/2016)، "ماذا تفعل وقد دهمها الحيض في رحلة الحج"، دار الافتاء الاردنية، اطّلع عليه بتاريخ 8/7/2021. بتصرّف.
  2. مها القرني، طواف الحائض، صفحة 2-3. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1650، صحيح.
  4. الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة، فقه الحج والعمرة، صفحة 93. بتصرّف.
  5. صالح اللاحم (1429)، الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية:دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، صفحة 106، جزء 1. بتصرّف.
  6. عبد العزيز الراجحي، عمدة الفقه، صفحة 7. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن قاسم (1406)، الإحكام شرح أصول الأحكام (الطبعة 2)، صفحة 492، جزء 2. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 122، جزء 29.
  9. يحيي النووي (1994)، الإيضاح في مناسك الحج والعمرة (الطبعة 2)، بيروت:دار البشائر الإسلامية، صفحة 205، جزء 1. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:29
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1733، صحيح.
  12. وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وادلته (الطبعة 4)، دمشق:دار الفكر، صفحة 205، جزء 3. بتصرّف.
  13. كمال السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة:المكتبة التوقيفية، صفحة 220-221، جزء 2.
4078 مشاهدة
للأعلى للسفل
×