حكم قراءة الأبراج

كتابة:
حكم قراءة الأبراج

ما حكم قراءة الأبراج مع الإيمان بها؟

لا شكّ أنّ قراءة الأبراج مع التّصديق بما فيها يعدّ من الكهانة، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "من اقتبسَ شُعبةً منَ النُّجومِ فقد اقتبسَ شُعبةً منَ السِّحرِ"[١] وهذا يدلّ على أنّ قراءة الأبراج من الكهانة والسّحر. وقد روى الإمام الذّهبيّ بسند صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتَى عرَّافًا أو كاهنًا، فصدَّقه بما يقولُ، فقد كفر بما أُنزِل على محمَّدٍ"،[٢] وهذا دليل آخر على حرمة تصديق العرّافين وقراءة الأبراج وما إلى ذلك من أمور، والله تعالى أعلم.[٣]


ثمّ إنّ قراءة الأبراج مع التّصديق بها رجمٌ بالغيب بدون أي دليل، وقد حذّر الشّرع من هذا، فقد قال الله -سبحانه وتعالى- في سورة الجنّ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}،[٤] وهذا يدلّ على حرمة قراءة الأبراج.[٣]


ومن الأدلّة على ذلك أيضًا ما رواه معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- عن عمر بن الحكمِ أنّه قال: "يا رسولَ اللهِ! أشياءٌ كُنَّا نصنعها في الجاهليةِ، كُنَّا نأتي الكُهَّانِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لا تأتوا الكُهَّانَ".[٥][٦]


ما حكم قراءة الأبراج مع عدم التصديق بها؟

إن قراءة الأبراج بدون تصديق لها، أي من باب سؤال الكهنة والعرّافين لا أكثر، لا يجوز شرعًا، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن بعض أمهات المؤمنين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً"،[٧] وهذا يدلّ على عظم حرمة هذا الفعل والله تعالى أعلم. [٣]


حكم قراءة الأبراج للتسلية

ما حكم قراءة الأبراج من باب الفضول؟

يحرم على الإنسان المسلم أن يقرأ الأبراج أو أن يستمع لها حتّى وإن كان يعلم أنّها دجل وكذب، وحتى إن كان مقصده من قراءتها الترفيه عن نفسه أو من باب الفضول لا أكثر، فإنّ ذلك كلّه لا يجوز لأن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخبرنا بذلك في الحديث الذي سبق ذكره في هذا المقال، فالحديث عامّ في جميع من يسأل العرّاف، وقراءة الأبراج كسؤال العرّافين في حكمها الشّرعيّ.[٨]


وحكمة ذاك أنّ قارئها قد يتأثّر بها، فتكون سببًا في أن يتسلل الشّكّ في الدّين إلى قلبه،[٩] ثمّ إنّ في قراءتها مُنازعة لله -عزّ وجلّ- في علمه، إذ إنّ الأبراج في حقيقتها إنّما هي ادّعاء علمٍ بالغيب من خلال الكوكب والأجرام، وقد استأثر الله بالغيب وحده فلا يُشرَك معه فيه غيرُه و{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه[١٠][١١] ومن حَسٍبَ أنّه ينازع الله في علم الغيب فقد كفر.[١٢]


حكم قراءة الأبراج جهلًا بحكمها

هل يُحاسَب الإنسان على ما يجهل؟

إنّ من عظمة الدّين الإسلاميّ، أنّه لا يحاسِب الإنسان إلّا على ما يستطيع، فإنّ الإسلام لا يحاسب الإنسان إن ارتكب إثمًا وهو جاهلٌ لا يعرف أنّ الذي فعله محرّم، فقد روى عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "إنَّ اللهَ تجاوَز عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليه"،[١٣] ويدخل في هذا قراءة الأبراج دون علم، فإنّ من قرأها جاهلًا بحكمها لم يأثم حتى يعلم، والله تعالى أعلم.[١٤]


حكم قراءة صفات الأبراج

هل قراءة الأبراج كإتيان السّحرة؟

لا يجوز أن ينظر المسلم في الأبراج ولا أن يعرف ما فيها، فإنّ قراءة صفات أهل برج معيّن يدخل في منازعة الله في معرفة الغيب، وذلك محرّم للدّليل الذي سبق ذكره في هذا المقال والله تعالى أعلم.[٣]

المراجع

  1. رواه الشوكاني، في إخلاص كلمة التوحيد، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:50، حديث صحيح.
  2. رواه الذهبي، في الكبائر ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:329 ، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث 3، صفحة 109. بتصرّف.
  4. سورة الجن، آية:26
  5. رواه البيهقي، في السنن الكبرى للبيهقي ، عن معاوية بن الحكم السلمي، الصفحة أو الرقم:7/387، حديث جيد.
  6. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 3. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:2230 ، حديث صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 5166. بتصرّف.
  9. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 25. بتصرّف.
  10. سورة النمل، آية:65
  11. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الطيار، صفحة 27. بتصرّف.
  12. عبد المجيد بن سالم المشعبي، التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام، صفحة 290. بتصرّف.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7219، حديث صحيح.
  14. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 12070. بتصرّف.
3692 مشاهدة
للأعلى للسفل
×