حكم قراءة الفنجان للتسلية

كتابة:
حكم قراءة الفنجان للتسلية

قراءة الفنجان للتسلية في ميزان الشرع

جرتْ عادة النّاس على محبّتهم لمعرفة المستور من الأحداث، والمخفي من الوقائع، ويشدّ انتباه كثير منهم فكرة الاطّلاع على ما ينتظرهم في قادم الأيام، ومن هنا ظهر التّساؤل عن حكم قراءة الفنجان للتسلية، والإسلام دين احترم العقل، وأحكامه لا تقبل الاصطدام مع مُخرجات العقل السليم، ودعا الشرع الحكيم في كثير من النّصوص الشرعية إلى إعمال النّظر والتّفكّر، وحثّ على اجتناب العلوم التي تخلو من النّفع، ودعوته لاجتناب العلوم التي تعود بالضرر على الفرد والمجتمع أشدّ، ونهى عن الاستنتاجات القائمة على الظنون غير المبنية على أسس ومعطيات علمية محسوسة؛ فإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئًا، وهذا المقال يتناول مسألة قراءة الفنجان للتسلية فما حكمها، وما توجيه أهل العلم في هذا المجال.

حكم قراءة الفنجان للتسلية

بحث أهل العلم هذه المسألة تحت أبواب العقيدة، وأدرجوا الحديث فيها عند تناول صفات الله -سبحانه- التي اختصّ بها، ومنها علمه بالغيب، إذ ينطلق العلماء من قاعدة عقَدِيّة مفادها أنّه لا يعلم الغيب إلا الله، وأنّ علم الإنسان للغيب منحصر فيما أخبر به النّص الشرعي الصحيح، وتفصيل المسألة على النحو الآتي:

  • إنّ من كمال الألوهية أنّه -سبحانه- مُختصّ بعلم الغيب، فهو علّام الغيوب، ولا يُظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسله -عليهم السلام-، وقد امتدح المولى -عز وجل- نفسه باختصاصه بعلم الغيب، فقال: (عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ الكَبيرُ المُتَعالِ) (الرعد: 9)، وقال -أيضاً-: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ) (النمل: 65)، وأمر رسوله -عليه السلام- بمخاطبة الناس بذلك، فقال: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) (الأنعام: 50)، ومن هنا فإنّ معرفة الملائكة والجنّ والإنس بالغيب منعدمة إلا بإذن من الله تعالى. [١]
  • إنّ قراءة الفنجان والكف وغيرهما ممّا ظهر في بعض المجتمعات نوع من أنواع الكهانة والدّجل والشّعوذة التي نهى الله –تعالى- عنها، وأما ما يشوّش به قارئ الفنجان أذهان بعض النّاس عندما يخبرهم بأشياء لا يتصوّر له معرفتها عنهم، فإما هو من باب التخمين الذي تُصيب سهامه أحيانًا، وإما من جملة ما يلقيه إليه الشيطان، ويضيفون إليه من الكذب أضعاف ما فيه من الصدق، فيظنّ السّذاج من الناس أنّه الحقّ والصدق. [٢]
  • حرم الإسلام مُجرّد إتيان الكُهّان والعرافين والمشعوذين، وهذا يشمل: الذهاب إليهم والجلوس معهم، كقارئة الفنجان أو الكف، وكذلك مطالعة أبراج الحظ، ومشاهدة القنوات الفضائية التي تُعنى بهذه الأمور حتى لو لم يصدّقهم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أتى عرَّافًا فسألَه عن شيٍء لم تُقْبَلْ لهُ صلاةٌ أربعين ليلةً) (أخرجه أحمد في مسنده)، وكان التحريم أشدّ بحقّ من صدّق مقالتهم، واتّبع ضلالهم، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ –عليه الصلاة والسلام- قال: (من أتَى كاهنًا فصدَّقه بما قال، فقد كفر بما أُنزِل على محمَّدٍ) (أخرجه المنذري بإسناد قوي). [٣]
  • الواجب على المسلم أنْ يبتعد عن هذه الأمور، بل الواجب الشرعي يحتم عليه أنْ ينصح غيره بالابتعاد عنها وعن طرائقها وأشكالها، وأنْ يحذرها أشدّ الحذر، ويُحذّر منها غيره، لا أنْ يتّخذها وسيلة للتّسلية والتّرويح عن النّفس. [٤]

الحكمة من تحريم قراءة الفنجان للتسلية

إنّ في إتيان الشخص الذي يدّعي معرفة الغيب عن طريق قراءة الفنجان إعانة له على الاستمراء في الخوض فيما لا يحلّ له من أمور الغيب، وحافز له على استغفال خلق الله، وتضليلهم، وقد نهى المولى -سبحانه- عن الإعانة على الباطل؛ فقال تعالى: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ ) (المائدة: 2).

وليس غريبًا ولا مسبعدًا أنّ قراءة الفنجان بهدف التسلية تقود إلى اعتياد الأمر، واستصغار حرمته، وقد تقود إلى تصديق من يقرأ له الفنجان، فيقع في الوعيد الشرعي الثابت، كما إنّ قراءة الفنجان للتسلية قد يُفضي إلى استحسان بعض الحاضرين له فيسعون إلى ممارسته، أو اللجوء إلى من يفعله لاستنطاقه فيما لا علم له به من الغيبيات. [٤]

فيديو عن حكم قراءة الفنجان للتسلية

يُنصَح بمشاهدة الفيديو الآتي الذي يتحدث فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح عن قراءة الفنجان للتسلية:

المراجع

  1. علم الغيب, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 11-07-2018، بتصرّف
  2. بطلان دعوى علم الغيب بقراءة الفنجان, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 11-07-2018، بتصرّف
  3. تحريم إتيان الكهان, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 11-07-2018، بتصرّف
  4. ^ أ ب قراءة الكف للتسلية, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 11-07-2018، بتصرّف 
3947 مشاهدة
للأعلى للسفل
×