حكم قراءة القرآن بعد العادة

كتابة:
حكم قراءة القرآن بعد العادة

حكم قراءة القرآن بعد بدْء العادة للمرأة

إنّ قراءة القرآن الكريم عبادة عظيمة، وإنْ كان القصد قراءة المرأة بعد انتهاء عادتها؛ أي بعد انتهاء فترة حيضها، فإنّ قراءة القرآن الكريم جائزة بلا شك -ما لم تكن على جنابة-، وحينها لا يختلف الحكم بينها وبين الرجل عموماً طالما من يَقرأ القرآن الكريم كان على طهارة من الحدث الأكبر، أما حكم قراءة القرآن الكريم للمرأة بعد بدْء عادتها الشّهرية -أي أثناء فترة الحيض-؛ فللفقهاء الأربعة تفصيل في ذلك بيانه فيما يأتي:

الحكم عن المذهب الحنفي

لا يجوز للحائض قراءة القرآن في فترة الحيض؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا تقرأ الحائض، ولا الجنب شيئا من القرآن)،[١] وقد ضعّف المحدّثين هذا الحديث، وقال الحنفية: لا يجوز لها قراءة ما دون الآية بنية القراءة، ويجوز لها الذكر بما دون الآية كقولها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ).[٢]

كما يجوز لها التسبيح والتحميد والتهليل، لأنها عاجزة عن تحصيل الطهارة، ولذلك مُنعت أيضاً من الصلاة، وقيل: يجوز لها قراءة ما دون الآية، أو أن تقرأه بقلبها دون التلفظ به، أو أن يقرأ أحد عنها وهي تسمع إن كانت تخشى نسيان ما تحفظ.[٣]

الحكم عند المذهب المالكي

نقل أصحاب الإمام مالك -رحمه الله- روايتان؛ الأولى: تمنع الحائض قراءة القرآن، والثانية: تبيح قراءة القرآن للحائض إذا كانت تخشى نسيان ما تحفظ من القرآن، فيجوز لها أن تقرأه من غير أن تمس المصحف، كأن يمسك لها أحد المصحف، أو أن تقرأه غيباً، واستدلوا على ذلك بما ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقرأ القرآن دون أن تمسه، فكان غيرها يمسكه وهي تنظر فيه وتقرأ.[٤]

وقالوا إن الجنب لا يجوز لها قراءة القرآن لأنها قادرة على الاغتسال مباشرة وقراءة القرآن، بينما الحائض لا تستطيع رفع الحدث عنها إلا بعد مدة، فربما عند بعض النساء تصل لعشرة أيام أو أكثر، لذا جاز لها قراءة القرآن دون أن تمسّه، كما أنها قد تكون معلّمة وعدم قراءتها وتعليمها يؤدي إلى انقطاع حِرفتها.[٥]

الحكم عند المذهب الشافعي

يحرم على الحائض قراءة القرآن، وهذا هو المشهور من المذهب الشافعي، وبه قال كثير من الصحابة منهم؛ عمر وعلي وجابر -رضي الله عنهم-، وبه قال الحسن البصري، وقتادة، وعطاء، وأبو العالية، والنخعي، وسعيد بن جبير، والزهري، وإسحق، وأبو ثور، وقال الشافعية إن ما احتج به المالكية من أن السيدة عائشة كانت تقرأ وهي حائض دون أن تمس المصحف لا يُعتد به لأن كثيراً من الصحابة خالفه.[٦]

والخوف من نسيان القرآن لمن تحفظ القرآن خلال مدة الحيض هو نادر الحدوث؛ لأن مدة الحيض غالباً تتراوح من ثلاثة أيام إلى سبعة، وبإمكانها إمرار القرآن على قلبها دون التلفظ به، والنظر في المصحف دون مسه، والمعلمة تستطيع إنابة غيرها للتعليم سواء من الطالبات أو من المعلمات، ويجوز للحائض التسبيح والتهليل والتحميد دون التلفظ بآيات من القرآن.[٦]

الحكم عند المذهب الحنبلي

القاعدة عندهم أن من لزمه الغسل يحرم عليه قراءة القرآن، فالصحيح من المذهب أن الحائض تُمنع مطلقاً من قراءة شيء من القرآن، فلا يجوز لها قراءة آية، ويجوز لها ما دون الآية إذا كان المقصود الذكر وليس التلاوة، ويجوز أن تقرأه بقلبها دون التلفظ، وأن تنظر في المصحف دون مسه.[٧]

واستدلوا على التحريم بحديث علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يُقرئهم القرآن ما لم يكن جنباً، وقالوا إن الحائض كالجنب لأنه يلزمها الاغتسال، فتحرم عليها القراءة.[٨]

المراجع

  1. رواه البخاري، في المحرر، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:74، ضعيف.
  2. محمد البابرتي، العناية شرح الهداية، صفحة 167. بتصرّف.
  3. محمد ابن أحمد السرخسي، المبسوط، صفحة 152. بتصرّف.
  4. ييى ابن شرف النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 357. بتصرّف.
  5. علي ابن عمر المالكي، عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار، صفحة 333. بتصرّف.
  6. ^ أ ب الحسين المروروذي، التعليقة للقاضي حسين، صفحة 303. بتصرّف.
  7. حمد الحمد، شرح زاد المستقنع، صفحة 101. بتصرّف.
  8. حمد الحمد، شرح زاد المستقنع، صفحة 104. بتصرّف.
4973 مشاهدة
للأعلى للسفل
×