محتويات
اللباس
أمرَ الله -سبحانه وتعالى- عباده بالسّتر، لأنّ الأصل في الإنسان أن يتستّر، والدليل على ذلك أنّ الله تعالى عندما خلق آدم وحوّاء جعل لهما لباسًا يسترانِ به عورة جسميهما، ولم تنكشف هذه العورات إلًا بعد ارتكابهما للخطيئة، ويقول -جلّ وعلا- في محكم التنزيل: "إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ" [١]، وللّباس في الإسلام شروطٌ وأحكامٌ عدّة، وفي هذا المقال سيتم ذكر أحكام اللباس الإسلام، بالإضافة إلى ذكر حكم لبس البنطال للنساء. [٢]
أسباب مشروعية اللباس
ظهرت أشكال مختلفة من الملابس في الوقت الحاضر مثل: البنطال والفساتين والتناتير وغيرها، وسيُوضَّحُ حكم لبس البنطال للنساء لاحقًا، لكن يجب أولًا توضيح أن الله -سبحانه وتعالى- لم يأمر بشيءٍ إلّا لحكمةٍ جليلة ومقصدٍ مفيد لعباده، وقد شرع الله -سبحانه وتعالى- اللباس للمرأة والرجل لأسبابٍ كثيرة، وجعل لهذا اللباس أحكامًا عدة وشروطًا يجب الالتزام بها، خصوصًا أنّ نزع الملابس والعري ارتبط بفعل خطيئة وخروج آدم وحواء من الجنة، ويقول الله تعالى: "يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا"[٣]، وأهم أسباب خلق اللباس ما يأتي:[٢]
- ستر العورة: وصف القرآن الكريم الملابس بأنّها تُواري السوءة، فالعورة من أجزاء الجسم التي يجب أن تُخفى عن الأنظار، ولا يجوز كشف إلا ما أباح الله -سبحانه وتعالى كشفه-، علمًا أن عورة الرجل تختلف عن عورة المرأة، وكل واحدٍ منهما ملزم بالستر، وذلك في قولة تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا" [٤].
- حماية جسم الإنسان من الحر: ما يحمي من الحر فإنّه أيضًا يحمي من البرد، والملابس تقوم بهذه المهمة، والدليل على ذلك قوله تعالى: "وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ" [٥].
- حماية الإنسان من البأس: يُقصد بالبأس أذى السلاح والبيئة المحيطة فيه، والتي تُؤثر في الجسم الذي لا تحميه ملابس، والملابس هنا تعني الدروع التي تُعدّ لباساً أيضًا، وفي ذلك قوله تعالى: "وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ" [٥]
- زيادة في التجمّل والتحلّي: فالملابس تُبرز جمال الإنسان وتُظهرُه بأجمل صورة، والدليل على هذا قوله تعالى:"وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً
أحكام لباس المرأة في الإسلام
إنّ مسألة كشف المرأة شيئًا من جسمها تُحدّد بالقدر الذي أباحه الله تعالى لها، ولهذا جعل الله أحكامًا وشروطًا ينبغي أن تتوفر في لباسها، بحيث يكون هذا اللباس ساترًا، فما يُباح كشفه أمام عموم الناس يختلف عمّا يُباح كشفه أمام المحارم، والدليل على ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [٧]، [٢] أما أحكام لباس المرأة فهي كما يأتي:[٨]
- استيعاب اللباس لجميع البدن باستثناء الوجه والكفين: يوجد اختلاف بين جمهور العلماء حول وجوب سترهما، واتفقوا على وجوب ستر الوجه والكفين في هذا الزمن بسبب كثرة الفتن وانتشار الفساد.
- عدم ارتداء ما يُلفت النظر: وذلك بألّا يكون اللباس زينةً في نفسه، وأن يكونَ خاليًا من الزركشات التي تجذب النظر.
- عدم ارتداء الملابس الضيقة والشفافة: أي تجنب الملابس التي تُظهر ما تحتها، وأن يكون اللباس فضفاضًا ولا يُفصّل حجم الجسم.
- عدم رش العطور على الملابس: يجب ألّا تكون مُبخّرة او مُطيّبة، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "أيما امرأة تعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية" [٩].
- عدم التشبّه بملابس الرجال: وذلك لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" [١٠].
- عدم التشبه بملابس نساء الكُفّار: وذلك لأن ترك التشبّه بأهل الكفر ضرورة وأحد مقاصد الشريعة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم"[١١].
- عدم ارتداء ملابس شهرة: أي عدم ارتداء ملابس بقصد الاشتهار والتفاخر أمام الناس.
شروط حجاب المرأة المسلمة
يُعدّ الحجاب من أساسيات لباس المرأة المسلمة، وقد أجمع العلماء على أنّ ارتداء الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة الحرّة العاقلة البالغة واجب، ووضعوا عددًا من الشروط التي يجب أن تنطبق عليه، واستنبطوا هذه الشروط من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وهي كما يأتي: [١٢]
- ألّا يكون زينةً في نفسه: وذلك حتّى لا يكون ملفتًا للأنظار، فعن عَلقمة بن أبي علقمة، عن أمه، أنها قالت: "دخلَت حفصةُ بنت عبد الرحمن على عائشةَ زوجِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى حفصةَ خمارٌ رقيق، فشقَّته عائشةُ وكَسَتْها خِمارًا كثيفًا"[١٣]
- ألّا يكون شفافًا أو ضيقًا: وذلك حتى لا يصف ما تحته من الشعر، وأن لا يُبيّن حجم الشعر وكثافته.
- ألّا يكون الحجاب مُعطرًا أو مبخرًا أو مطيبًا: لأنه يُصبح محركًا للغرائز، والدليل على ذلك حديثُ أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول -الله صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأةٍ أصابت بَخورًا فلا تشهَد معنا العشاءَ الآخرة" [١٤]
حكم لبس البنطال للنساء
يتساءلُ الكثير من الناس عن حكم لبس البنطال للنساء، علمًا أن لبس البنطال للنساء أصبح منتشرًا جدًا في الوقت الحاضر، والأصل في لباس المرأة أن يُطابق الشروط التي سبق ذكرها، وهي شروط لباس المرأة المسلمة، فإن انطبقت هذه الشروط، فللمرأة أن تلبس ما تشاء، وكما ذُكر فإن الشرط الأساسي للباس المرأة أن يكون ساترًا لجميع البدن، وقد قال العلماء: شروط لباس المراة الساتر للعورة ألّا يكشف من المرأة شيئًا إلا الوجه والكفين، وألّا يصف ولا يشف وألّا يكون رقيقًا، وألّا يظهر لون الجلد من خلاله، وبما أنّ من شروط ستر المرأة هو عدم جواز وصف جسمها، بناءً عليه يكون حكم لبس البنطال للنساء جائزًا في حال كان هذا البنطال تحت جلبابها، أما إذا كان البنطال هو اللباس الأساسي للمرأة والذي تخرج به من بيتها، فينطبق عليه حكمان، فإن كان هذا البنطال واسعًا وفضفاضًا وتنطبق عليه شروط اللباس الساتر، ففي هذه الحالة يكون حكم لبس البنطال للنساء جائزًا، وقد أشار إليه العلماء بالبنطال الكشميري، وهو بنطال واسع وفضفاض، ولا حرج أن تخرج به المرأة، أما إذا كان هذا البنطال ضيقًا ضيقًا شديدًا فهو لم يحقق غاية الستر وستر العورة، وهو بهذا يُصبح لباسًا مثيرًا للغرائز، لأنه يصف حجم المرأة فيكون حكم لباس البنطال للنساء غير جائز، وبهذا يتضح أن حكم لبس البنطال للنساء يختلف بحسب شكل البنطال وتفصيله وموافقته للشروط الإسلامية.[١٥]
فيديو عن حكم لبس البنطال للنساء
في هذا الفيديو يتحدث فضيلة الدكتور بلال إبداح دكتور الشريعة والعقيدة الإسلامية حول حكم لبس البنطال للنساء. [١٥]
المراجع
- ↑ {سورة طه: 118}
- ^ أ ب ت اللباس فى الاسلام, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
- ↑ {سورة الأعراف: 27}
- ↑ {سورة الأعراف: 26}
- ^ أ ب {سورة النحل: 81}
- ↑ {سورة النحل: 14}
- ↑ {سورة النور: 31}
- ↑ الشروط الواجب توفرها في لباس المرأة, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-7-2018، بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود الترمذي والنسائي
- ↑ رواه أحمد
- ↑ رواه أحمد وأبو داود
- ↑ حجاب المرأة المسلمة, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-7-2018، بتصرّف.
- ↑ أخرجه مالك في موطئه 2: 913 برقم 6، والبيهقي في سننه 2: 235 برقم 3391
- ↑ أخرجه مسلم في الصلاة برقم 444
- ^ أ ب حكم لبس البنطال للنساء, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-7-2018، بتصرّف.