حكم لبس خاتم الخطبة للرجال وللنساء وفي أي يد؟

كتابة:
حكم لبس خاتم الخطبة للرجال وللنساء وفي أي يد؟

حكم لبس خاتم الخطبة للرجال وللنساء

تتمَّيزُ مرحلة الخِطبة بعاداتٍ وأعرافٍ مميَّزةٍ، ولعل أبرزها هو لبسُ الطَّرفينِ لخواتمِ الزَّواج بعد عقدِ القِران، وقد أباحت الشَّريعةُ هذا الشَّكل من أشكالِ الفرحِ والتَّعبيرِ عن الحبِّ والالتزامِ للطرفِ الآخر، وسنبيِّن في المقال الحكم الشّرعية للبس خاتم الخِطبة للرجال والنساء؛ فضةً كان أم ذهباً، وفي أيّ يد يوضع خاتم الخطبة.


إنَّ الأصلَ في لبسِ الخواتم في الشَّرع هو الإباحة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبسُ خاتماً فيه نقشٌ، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِن فِضَّةٍ، ونَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، وقَالَ: إنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِن ورِقٍ، ونَقَشْتُ فيه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فلا يَنْقُشَنَّ أحَدٌ علَى نَقْشِهِ).[١][٢]



فأمَّا خاتمُ الزّواجِ فيُسمَّى الدِّبلة، وقد تعارفَ النَّاس على اتِّخاذه رمزاً لعقدِ القِران، وحكمُ اتّخاذه هو الإباحةُ كما في لبسِ الخاتم العادي، وذلكَ أنَّ العادات والتَّقاليد تتَّخِذُ حكمَ الإباحة ما لم تُخالف نصَّاً، ولا شكَّ أنَّ لبسَ خاتم الخطوبة لا يخالف نصَّاً أو أصلاً شريعيّا، ولكن يُقيَّدُ بقيدٍ واحدٍ؛ وهو أن لا يكونَ ذهباً في حقِّ الرّجلِ دونَ المرأة.[٢]



حكم لبس خاتم الخطبة المصنوع من الفضة للرجال

يجوز للرَّجلِ أن يلبس خاتماً من فضَّةٍ دونَ خلاف، وسواء كان الخاتم للخطبة أو لغيره، وقد فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما يجوزُ له أن ينقش على الخاتم ما يشاء، ولبس الخاتم في يده اليمينِ أفضلُ من يده الشِّمال؛ لأنَّ التَّيامن هو سنّةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كلِّ شيءٍ.[٣]


أمَّا عن موضعه من الأصابع فقد نُقِلَ في كتاب المجموع إجماعَ العلماءِ على سنَّة لبسِ الخاتمِ في الإصبع الخنصر، ولعلَّ السَّبب في ذلكَ يرجع إلى حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين قال: (نَهَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ في إصْبَعِي هذِه، أَوْ هذِه، قالَ: فأوْمَأَ إلى الوُسْطَى وَالَّتي تَلِيهَا).[٤][٣]



حكم لبس خاتم الخطبة المصنوع من الذهب للرجال

لا يجوزُ للرَّجل أن يلبسَ خاتماً من ذهبٍ، وقد ثبت التّحريمُ بشواهدَ كثيرةٍ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان أصحُّها ما أورده الإمامُ مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِن ذَهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ مِن نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ، فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ ما ذَهَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ به، قالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ).[٥][٦]



في أي يد يوضع خاتم الخطبة؟

جاءَ في السُّنَّة الشَّريفة حديثانِ صحيحان صريحان في موضع لبس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخاتمه، أمَّا الحديثُ الأوَّل فمفاده أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَبسَ خاتمه في يده اليمنى، وقد صحّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ)،[٧] وأمَّا الحديثُ الثَّاني فمفاده أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبسَ خاتمه في يده اليسرى، وهو مرويٌَ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أيضاً، إذ قال: (كانَ خَاتَمُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في هذِه، وَأَشَارَ إلى الخِنْصِرِ مِن يَدِهِ اليُسْرَى).[٨][٩]



وللتوفيقِ بين الرِّوايتين نعودُ إلى أصلِ لبسِ الخاتم وهو الإباحة، فأينما لبسهُ الإنسانُ كان مُباحاً، ولعلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُبدِّلُ موضعَ الخاتم في يده لسببٍ أو لآخر، ونشيرُ إلى أنَّ الأعراف والعادات السَّائرة في عصرنا تقتضي لبسَ خاتم الخطوبة في اليد اليُمنى للخاطبين، وفي اليد اليُسرى للمتزوجين، ولا بأس في أيٍّ من هذا.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5877، صحيح.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (09/09/2014)، "حكم لُبْس الدُّبْلَة للرجال والنساء"، دار الإفتاء المصرية، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب لجنة الإفتاء (13/7/2010)، "حكم لبس خاتم الفضة للرجال"، دار الإفتاء الأردن، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:2095، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم:2090، صحيح.
  6. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، الأردن:بيت الأفكار الدولية، صفحة 125، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحصح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2094، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2095، صحيح.
  9. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، الأردن:بيت الأفكار الدولية، صفحة 125-126، جزء 2. بتصرّف.
4852 مشاهدة
للأعلى للسفل
×