محتويات
حمل الملائكة جنازة سعد بن معاذ
ذكر المُنافقون في جنازة سعد بن مُعاذ -رضي الله عنه- لمّا خرجت أنّها كانت خفيفة، فأخبر النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الملائكة هي التي كانت تحمل سعداً[١] وكان عدد الملائكة التي نزلت في جنازته سبعين ألف ملك، وذلك لما ورد في بعض الروايات: (إن اللهَ أهبط لموتِه سبعين ألفًا من الملائكةِ [يعني سعدَ بنَ معاذٍ])،[٢] وكان استشهادهُ بعد أن أُصيب بسهمٍ من المُشركين في غزوة الخندق، فدعا الله -تعالى- أن يُبقيه حتى تقرّ عينه من بني قُريظة، فحكم عليهم بقتل مُقاتليهم، وسبي نسائهم وذراريهم، فلمّا فرغ من ذلك انفتق عرقه ومات،[٣] ولِعظم مكانة سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- فقد نزل جبريل -عليه السلام- في جنازته، لابساً عمامةٍ من استبرق، وقد فُتحت لسعد عند موته أبواب السماء، واهتز له عرش الرحمن،[٤]وكان مرضه قبل موته بسبب ما أصابه في غزوة الخندق؛ حيثُ رماه أحدُ المُشركين في الأكحل؛ وهو العرق الذي يكون في الذراع فإذا قُطع لا يرقأ دمه حتى يموت صاحبه، وتوفّي بعدها بشهر.[٥]
وكان من أصابه بالسهم هو حبان بن العرقة من بني معيص، فلمّا أُصيب جعل له النبيّ محمد -ابن الوزير اليماني- خيمةً في المسجد؛ ليبقى قريباً منه ويزوره، وقد ناداه النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- ليحكُم في بني قُريظة فحكم فيهم،[٦] وكان السبب في تعجّب المُنافقين من خفة حمل جنازته؛ أنّه كان طويلاً وضخماً،[٧] وقد شهد جنازته سبعون ألفاً من الملائكة، كما استبشر بموته أهل السماء.[٨]
اهتزاز العرش لوفاة سعد بن معاذ
ثبت في الأحاديث الصحيحة أنّ عرش الرحمن قد اهتزّ لموت الصحابي الجليل سعد بن مُعاذ -رضي الله عنه-، منها قول النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-: (اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ)،[٩][١٠] وقد بيّن العُلماء بأنّ المقصود باهتزاز العرش؛ أي تحرّكه فرحاً بِقُدوم روح سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وانتقاله إلى الآخرة؛ لأن أرواح الشُهداء والسُّعداء تستقرُّ تحت العرش، وقيل: أنّ المقصود بالاهتزاز؛ هُم حملة العرش من الملائكة، وهذا الاهتزاز كان على الحقيقة، والمقصود منه هو الاستبشار والفرح بِقدومه، والمقصود هو التعظيم من مكانة سعد وأمر وفاته، حيثُ أنّ العرب تنسب الشيء المُعظّم إلى أعظم الأشياء، أظلمت الأرض لموت فلان،[١١] وقيل: اهتزّ لِعظم تلك الواقعة، وقيل: إعلاماً للملائكة بوقوعِ أمرٍ عظيم.[١٢]
التعريف بالصحابي سعد بن معاذ
هو الصحابي الجليل سعد بن معاذ، بن النعمان، بن امرئ القيس، بن زيد، بن عبد الأشهل من الأوس، وأُمّه كبشة بنتُ رافع، إحدى الصّحابيات،[١٣][٥] أسلم في المدينة المُنورة بين بيعة العقبة الأولى والثانيّة، وكان إسلامه سبباً في إسلام قومه بني عبد الأشهل، ولمّا أسلم ذهب إلى قومه فقال لهم: كلامُ رجالكم ونساؤكم عليّ حرام حتّى تُسلموا، فأسلموا جميعهم،[١٢][١٤] فكانت أوّل الدور تدخُل في الإسلام، وسمّاه النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- بسيّد الأنصار، شهد بدرا، وأُحد، وكان ممّن ثبت مع النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أُحد، ورماهُ أحد المُشركين في غزوة الخندق في أكحله، وتوفي بعدها بشهر[١٢][١٤].
وكانت وفاته في شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة، وكان يبلُغ من العُمر حينها سبعةً وثلاثين سنة، ودُفن في البقيع، ويُكنّى بأبي عمرو.[١٢][١٤]
المراجع
- ↑ محمد بن علي بن موسى (2006)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهّاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المغني، صفحة 393، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن الوزير اليماني، في العواصم والقواصم، عن ابن الوزير اليماني، الصفحة أو الرقم: 5/347، صحيح.
- ↑ محمَّد الخَضِر الشنقيطي (1995)، كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 267، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ محمَّد الخَضِر الشنقيطي (1995)، كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 268، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب محمود محمد السبكي (1353)، المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود (الطبعة الأولى)، القاهرة: مطبعة الاستقامة، صفحة 231، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ محمود محمد السبكي (1353)، المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود (الطبعة الأولى)، القاهرة: مطبعة الاستقامة، صفحة 232، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الشروق، صفحة 446، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد طاهر الفَتَّنِي (1343)، تذكرة الموضوعات (الطبعة الأولى)، القاهرة: إدارة الطباعة المنيرية، صفحة 101. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر، الصفحة أو الرقم: 3803، صحيح.
- ↑ علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 4001، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الشروق، صفحة 446-447، جزء 9. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 4002، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد الأمين الهَرَري (2009)، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (المسمَّى: الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج) (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 241، جزء 22. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد بن علي بن موسى (2006)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهّاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المغني، صفحة 395، جزء 3. بتصرّف.