خاطرة عن الأب
الأب هو رمزُ الأمان وقوةُ السند، ونقطة القوّة في حياة كلّ فرد منّا، متى ما كان في الأرجاء حلّت السكينة والطمانينة، وازدانت الحياة بكل الألوان التي تجعل منها حياةً سعيدةً رغيدة، فالأب يشقى لِنرضى، ويتعب لنرتاح، أيّ شخص قد يفعل هذا الصنيع لمن يحب، إنه الأب بلا أدنى ريب، فحبّه لنا فطرةٌ فُطر عليها، يسهر الليالي ليُفكر كيف يحقق لنا رغباتنا التي باتت لا تنتهي، وتتجدّدُ بتجدد الأيام، نطلُب دون كَلل ويُلبي بلا مللْ، يُحب بلا شروط ودون انتظار أيّ مقابل يُذكر، يحبنا لأنّنا نحن، لأننا من صُلبه، لأننا أطفاله، نعم أطفاله فنحن مهما كبرنا وبلغنا من العُمر فسنبقى بنظره أطفال لا حول لنا ولا قوّة ويجب دعمنا والوقوف معنا دائمًا، حتى إنه يخاف علينا من الحياة نفسها، فنراه يُحذرنا دائمًا من الإقتراب من أي شيءٍ قد يهدد أمننا ويهدد راحتنا.
قلوب الآباء رحيمةٌ، ونفوسهم عزيزةٌ وكلماتُهم توزن بماء الذّهب دائمًا، فالخبرة التي اكتسبوها من حياتهم الطويلة العريضة تجعلهم في نظرنا يعرفون كل شيءٍ عن كُل شيء، فهم الأبطال في أعيننا والمُناصرون لنا في وحدتنا، فالطفلُ كلّما يلمح أباه يخطُر في باله البطولة بكل أشكالها الذي يعرفها، فيرتبط اسمه بكل خير.
أبي، هو بطلي الذي أراه في أحلامي، الذي إذا ما اتخذت قدوة في حياتي فلن يكون غيره الذي أقتدي به، فهو أول من أبصرت عيناي فألهمني ما عنده من الحب والعطف والحكمة، فكيف لا يكون بطلي وقدوتي، كيف لا يكون كذلك، وهو ذلك النبراس الذي يسطع في كل حين، يحرق نفسه لأجلنا، لنراه في أبهى صوره، لنراه في كلّ قوته، يُخفي الضعف والتعب، يُخفي عنا كل ما قد يؤذينا، ويلتمِس لنا الابتسامة وإن كانت أبعد ما تكون عن قلبه المُتعب الذي يحاول أن يُحافظ علينا بكل ما أوتي من حب وقوّة بعيدًا عن كل شائبة قد تشوبنا وكل ضائقةٍ قد تعترينا.
الأب، هو اختصارٌ لكل معاني العطف والسّند، فيَدٌ حانية ويدٌ تشُدّ من بأسنا لنواجه الحياة بِكل جرأة وقوّة دون اتكالٍ ودون ضعف، فالأب هو الشخص الوحيد الذي قد ترمي نفسك وأنت موقنٌ انه سيلتقطك، ومن عجائب الأباء أنه مهما بدر منّا سنبقى أوْلى اهتماماتهم، وأفضل انجازاتهم، فوجودنا بفضلهم وبلوغنا بكل العافية بفضلهم فنحن مدينون لهم حتى آخر رمق في الحياة، مدينون لهم بحياتنا، كل الحب و الامتنان لا يكفي لرد جميلهم، أعنّا يا الله على ردّ جزءٍ منه.