خاطرة عن المحبة

كتابة:
خاطرة عن المحبة

خاطرة عن المحبة

المحبة كلمة صغيرة، لكنها تملأ القلوب رحمةً، وتُعطي للحياة معنى، فالمحبة غابة كبيرة تجمع كل زهور الأمل والخير؛ لأنها تُخرج الكراهية من القلوب، وتجعلها صافية متدفقة بالعطاء، فهي مثل نبع الماء الصافي الذي يروي القلوب، وهي مثل نسمة الربيع الهادئة التي تمرّ على الحزن فتُحوّله إلى فرح، وتمرّ بالحسد فتجعله إيثارًا وغبطة، ولهذا فإنّها رسولٌ بين القلوب، وغاية من غايات القضيلة، ووجودها يجعل من كلّ شيءٍ أجمل، ويكفي أنّها تُشعل الشغف لاستمرار الحياة، لهذا فإنّ كل شيءٌ تسوده المحبة يكون مغلفًا بالجمال.

المحبة تجعل القلب متسعًا، كما أنها تمدّ جسرًا بين الأرض والسماء؛ لأن الله أمر عباده بها، ونهاهم عن التشاحن والتباغض، كما حثّ عليها الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لهذا جعلها الله في قلوب مخلوقاته بالفطرة، فالأم تُحبّ أبناءها وترعاهم بمحبّتها التي أودعها الله فيها، وكذلك الأب والمربي والصديق الذي يمنحها لصديقه، وحتى الحيوانات تعرف المحبة فيما بينها، ولهذا فإنّها ليست محصورة على أحدٍ دون غيره، بل هي باتساع الأفق، وتستطيع أن تحتوي الكون في معناها.

المحبة عندما تكون حقيقيّة فإنها تأتي دون أيّ مقدمات، لأنها شيءٌ لا يُطلب ولا يُمكن تصنّعه، بل تحدث من تلقاء نفسها، كما أنّها لا تجتمع إلا في قلب إنسانٍ صادق غير منافق، فالمحبة والنفاق مسألتان لا يمكن أن تجتمعا في آن، كما أنها لا تجتمع مع الحسد ولا مع الغيرة المؤذية، وغالبًا فإن الكفّة تميل إليها، فمن قابل الكراهية فيها لا بدّ ستنتصر، ومن أخذها دستورًا في حياته فإنه سيكون الأقوى، لأنها تقوي القلب بطاقتها الكبيرة، على عكس الكراهية التي تُضعف القلب وتشدّه إلى الخلف.

ثمار المحبّة ليس لها موسمٌ محدد، بل تُقطف قي جميع الفصول، وحلاوتها تطغى على كل المرار الذي تُسببه الكراهية، والفرق بين الإنسان الذي يعمر قلبه فيها وبين الإنسان الذي لا يعرفها، كالفرق بين الحي والميّت، فالقلوب دون محبّة ما هي إلا دمى سيئة الصنع، ولهذا فإنّها تُعطي للجميع دروسًا كي يكونوا أكثر رقة، وتُقرّب البعيد، وتنشر الطاقة الإيجابية في كلّ مكان، وتنشر الألفة بين الناس، وتجعل من صحراء العمر جنةً خضراء، كما أنّها تمنع الظلم والقهر، وتُضفي على الأرواح طمأنينة وسكونًا، وهي الطريق الأمثل للوصول إلى قلوب الناس دون عناء، فالمحبة مفاتيحُ للقلوبِ المغلقة، ومِعْوَلٌ يهدم كلّ الجليد الذي يقف بين القلوب والسعادة، ومن أراد أن يعيش بسلام، فما عليه إلا أن يعتنقها وينشرها في كلّ مكان.

6237 مشاهدة
للأعلى للسفل
×