شرح حديث (اليد العليا خير من اليد السفلى)

كتابة:
شرح حديث (اليد العليا خير من اليد السفلى)

نص حديث (اليد العليا خير من اليد السفلى)

روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في الحديث الصحيح في صحيح مسلم فقال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَهو علَى المِنْبَرِ، وَهو يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ المَسْأَلَةِ اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَالْيَدُ العُلْيَا المُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ).[١][٢]

شرح الحديث

جاء هذا الحديث من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليحثّ على الإنفاق في سبيل الله والإكثار من الصدقة، وذمّ الذي يسأل الناس ليعطوه، ثمّ وصف يد الإنسان الذي تقدم المال لغيره باليد العليا، واليد الذي تمتدّ للغير لتأخذ منه باليد السفلى، وجعل اليد المعطية عُليا واليد الآخذة سُفلى دلالةً على خيريتها وأفضليتها، مما فيها من عظم مكانة الإنفاق والمنفق في الإسلام.[٢]

وذمّ سؤال الغير وطلب المعونة منهم إلّا لمن كان له حاجةً حقيقية،[٢]وعليه فإنّ اليد العليا هي اليد المعطية واليد السفلى هي اليد الآخذة، وهي وصية من رسول الله لاكتساب المال من أجل الإنفاق منه على من يحتاجه، ولا يتقاعس عن العمل والكسب؛ مما يكون دافعاً له لأن يطمع بما في يد المنفقين،[٣]وهو ما أخبر به الرسول في حديث رواه حكيم بن حزام:

(سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فأعْطَانِي، ثُمَّ قالَ لِي: يا حَكِيمُ، إنَّ هذا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فمَن أَخَذَهُ بسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ له فِيهِ، ومَن أَخَذَهُ بإشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ له فِيهِ، وكانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ ولَا يَشْبَعُ، واليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، قالَ حَكِيمٌ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شيئًا حتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا).[٤][٣]

فضل الصدقة

ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم عدداً من الآيات التي تدلّ على فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وقد ثبت ذلك أيضاً في السنة النبوية الشريفة، ومن هذه النصوص ما يأتي:

  • قال -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)،[٥] والمقصود أنّه ينمّيها ويبارك فيها.[٦]
  • قال -تعالى-: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[٧][٦]
  • روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).[٨][٩]
  • روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (ما نقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زاد اللهُ عبدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أَحدٌ للهِ إلَّا رفَعَه اللهُ عزَّ وجَلَّ).[١٠][٩]
  • روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (ما تَصَدَّقَ أحَدٌ بصَدَقَةٍ مِن طَيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، إلَّا أخَذَها الرَّحْمَنُ بيَمِينِهِ وإنْ كانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو في كَفِّ الرَّحْمَنِ حتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ كما يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أوْ فَصِيلَهُ).[١١][٩]

المراجع

  1. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1033، صحيح .
  2. ^ أ ب ت عبد المحسن العباد ، شرح سنن أبي داود، صفحة 11، جزء 200. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مظهر الدين الزيداني (2012)، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة 1)، سوريا :دار النوادر، صفحة 516، جزء 2. بتصرّف.
  4. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن حكيم بن حزام ، الصفحة أو الرقم:3143، صحيح .
  5. سورة البقرة ، آية:276
  6. ^ أ ب عبد الله السوالمة (2003)، البركة في الرزق والأسباب الجالبة لها في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة :الجامعة الإسلامية، صفحة 270. بتصرّف.
  7. سورة البقرة ، آية:268
  8. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:1442، صحيح .
  9. ^ أ ب ت راشد العبد الكريم (2010)، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية (الطبعة 4)، المملكة العربية السعودية :دار الصميعي، صفحة 481. بتصرّف.
  10. رواه مسلم ، في تخريج المسند ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح .
  11. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:1014، صحيح .
5983 مشاهدة
للأعلى للسفل
×