خصائص الأخلاق في الإسلام

كتابة:
خصائص الأخلاق في الإسلام
اتسم الدين الإسلامي أنه دين الخُلق، ويرجع ذلك إلى أن الرسالة السماوية منذ بزوغ فجرها جاءت لتأكيد هذه القضية، فقد جاء في الحديث الشريف: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ و في روايةٍ ( صالحَ ) الأخلاقِ)،[١] والله تعالى امتدح مُبلّغ هذه الرسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه في أعلى درجات الخلق العظيم، فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٢] إشعاراً أن هذا الدين هو دين الخُلق؛ وأن الهدف من الرسالة الاعتناء بالأخلاق الحسنة الرفيعة، فكانت الشريعة على إثر ذلك شريعةً أخلاقيةً تتميز بالعطاء والبذل، وتحمل في طياتها مكارم الأخلاق.


خصائص الأخلاق في الإسلام

اتصفت الأخلاق الإسلامية بخصائص عديدة تميّزها عن غيرها، وتجعلها في مقدمة جميع الأخلاق الأخرى، وقد أكثر القرآن الكريم من ذكر الصفات الحميدة ورغّب فيها، كما أن السنة النبوية اعتنت بهذه الأخلاق غاية الاعتناء، فقد عُلّق تحقيق الإيمان في كثير من الأحاديث على فعل خلقٍ معينٍ، إيماناً بأهمية قضية الأخلاق في الشريعة الإسلامية،[٣] ولعل إظهار خصائصها يكشف لنا عن الجوانب المشرقة فيها، فمن أبرز الخصائص:[٤][٥]


ربانية المصدر

ونعني بربانية المصدر أنها مستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم، فهي بعيدة كل البعد عن الآراء البشرية، والأنظمة الوضعية، والأفكار الفلسفية والمنطقية، ولمّا كانت الأخلاق الإسلامية على هذه الحال، لزم أن تكون موسومة بالخلود والصدق والصحة؛ فهي من الله تعالى وغايتها الوصول إليه.


الشمول والتكامل

تعد سمة الشمولية والتكاملية من أبرز السمات التي توصَف بها الأخلاق الإسلامية؛ إذ إنها تدخل في شتى أنحاء الحياة، فتدخل في البيع والشراء، والزواج والطلاق، وغيرها، فهي لا تحدّ بالزمان والمكان، ولا تنحصر في فكرٍ معينٍ؛ وذلك حتى لا يعتريها القصور والضعف الذي يعتري البشر، فلما كانت ربانية المصدر تأكد كونها عالمية شمولية؛ لأنه ورائها وحي من الله تعالى، عداك عن كونها وسط في جميع الأمور، ففي السلوك مثلاً، نجد الإنفاق أن يكون وسطاً بين البخل والتبذير، في حين نجدها في الاعتقاد تكون بين الغالي والجافي، من غير إفراط ولا تفريط.


الصلاحية العامة لكل زمانٍ ومكانٍ

يتضح من السمات السابقة من كونها ربانية المصدر وشموليتها أن هذه الأخلاق تصلح لجميع العصور؛ وذلك لأن واضعها عليمٌ خبيرٌ، علاوة على كونها تمتاز باليسر والسهولة، ورفع الحرج عن الناس، بل إنها في كثير من الأحيان تدفع المرء لتقديم غيره على نفسه، إيمانا بالقيمة العليا التي يسكبها خلق الإيثار في نفس المؤمن، قال تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٦]


الإقناع العقلي والوجداني

إن من أقوى الأسباب التي تجعل الأخلاق الإسلامية أرضاً خصبةً للتطبيق هو ما أوجدته من نظامٍ مستقلٍ متكاملٍ يخاطب العقل ويقنعه، ويخاطب الجانب العاطفي ويملؤه سكينةً وراحةً واطمئناناً، ولا شك أن هذا الأمر يعطي قناعةً تامةً لدى الإنسان، ومن ثم يكون راضياً عن أخلاقه وأفعاله، فالعقل السليم والقلب النقي يرشدان المرء إلى أن الأخلاق الإسلامية تبعد الإنسان عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور والظلم وغير ذلك.


المسؤولية

لا ريب أن التزام المسلم بالأخلاق الإسلامية تدفعه للعمل والجدّ، وتبعده عن الكسل والخمول، لا سيما وهي تجعل المرء مسؤولاً عن تصرفاته وأفعاله وأقواله، فهي بذلك تضبط حركاته وسكناته، فتحمّل المسؤولية من الخصائص التي انفردت بها الشريعة الإسلامية.




المراجع

  1. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.
  2. سورة القلم، آية:4
  3. يوسف القرضاوي، "مكانة الاخلاق في الإسلام"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 11. بتصرّف.
  5. أحمد الخاني، "خصائص الأخلاق في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
  6. سورة الحشر، آية:9
2682 مشاهدة
للأعلى للسفل
×