خصائص الحوار في القرآن الكريم

كتابة:
خصائص الحوار في القرآن الكريم


الحوار في السياق القرآنيّ

يعبّر الحوار عن إحدى أهم السمات الفنيّة للقصّة القرآنيّة، وهو حديثٌ يجري بين شخصياتها، يعبّر عن أحداث القصة، كذلك عن نوازع ودوافع ونوايا الشخصيات الموجودة فيها، والحوار هو المُحرك للأحداث في النصّ القصصيّ، وهو روحٌ تسري في كيان النصّ، وبالحوار يتصاعد الصراع ويشتبك حتى يؤدي الهدف المنشود من القصة بأكملها،[١] وفيما يلي بيانٌ لأبرز خصائص الحوار في القرآن الكريم، وذكرٌ لبعض أشكاله.


خصائص الحوار في القرآن الكريم:

يمتاز الحوار في القرآن الكريم بخصائص عدَّةٍ، منها ما يلي:[١][٢]

  • القرآن الكريم يجعل الحوار سبيلاً لكلّ قضاياه، وليس في القرآن طريقةٌ للتفاهم مع المخالفين غير الحوار، أمّا استخدام القوّة والترهيب؛ فإنّ استخدامه يكون بعد إصرار المخالفين على الباطل.
  • الإقناع العقلي في أسلوب الحوار؛ ولهذا اتجه الحوار في القرآن إلى مخاطبة العقول، وطرح التساؤلات العقليّة، خاصَّةً في القضايا التي تتعلّق بالعقيدة والإيمان، وذلك بهدف إفشال حجّة المنكرين وإثبات الحقّ.
  • اعتماد الحوار القرآنيّ في الغالب على الحكاية؛ بمعنى نقل أقوال القائلين على ألسنتهم نقلاً طبيعيًّا لا مبالغة فيه ولا افتعال.
  • تتنوّع أشكال الحوار وألوانه بحسب اختلاف مقتضى الحال؛ ففي بعض المواضع يكون الحوار طويلًا مفصَّلًا، وفي مواضع أخرى نجده موجزًا مختصرًا، وكذلك الأمر في تنوّع لهجة الحوار ما بين شدَّةٍ ولينٍ، وذلك حسب الموقف وما يقتضيه الحال.
  • محاورة المخالفين بالأسلوب الحسن والتلطّف، والتركيز على نقاط الاتفاق، يقول تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـهُنَا وَإِلَـهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).[٣]


أشكال الحوار القرآني:

فيما يلي ذكرٌ لأمثلةٍ على أشكال الحوار وصوره المختلفة في القرآن الكريم:[٤]

  • حديث الإنسان مع نفسه أثناء مناجاته لله تعالى، ومثال ذلك ما جاء على لسان موسى -عليه السلام- في مدين، من قوله تعالى: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).[٥]
  • الحوار بين شخصين، كما في حوار سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه آزر، في قوله تعالى: (إِذ قالَ لِأَبيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا).[٦]
  • حوارٌ بين الله تعالى والأنبياء خاصّة، ومثاله قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٧] وبينه تعالى والملائكة، ومثاله قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٨] وبينه تعالى وإبليس، كما في قوله تعالى: (قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ).[٩]
  • حوار الإنسان مع الإنسان، ومثاله ما جاء في قوله تعالى على لسان صاحب الجنتين: (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)،[١٠] وبين الإنسان والحيوان في قول سليمان -عليه السلام- للهدهد: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَـذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ).[١١]


المراجع

  1. ^ أ ب عبد الله الجيوسي، أسلوب الحوار في القرآن الكريم، صفحة 8-12. بتصرّف.
  2. "الحوار في القرآن الكريم والسنة النبوية"، الألوكة. بتصرّف.
  3. سورة العنكبوت، آية:46
  4. طالب الزوبعي، من أساليب القرآن الكريم، صفحة 208-209. بتصرّف.
  5. سورة القصص، آية:24
  6. سورة مريم، آية:42
  7. سورة البقرة، آية:35
  8. سورة البقرة، آية:30
  9. سورة الأعراف، آية:12
  10. سورة الكهف ، آية:34
  11. سورة النمل، آية:28
4845 مشاهدة
للأعلى للسفل
×