محتويات
خصائص السور المدنيّة
عندما يقرأ المؤمن كتاب الله -جلّ وعلا- ويتأمل آياته، يجد للآيات المكيّة أسلوباً خاصاً لا يوجد في الآيات المدنيّة في الوقع، ولأجل ذلك اعتنى العلماء عناية فائقة ببيان الفرق بين السور المكيّة والمدنيّة،[١] بل صرّحوا بأنّه لا يحلّ لأيّ كان أنْ يفسر كتاب الله -جلّ وعلا-، إلّا بعد معرفته الواسعة بعلم المكيّ والمدني؛ لأهمية ذلك في فهم آي الكتاب الحكيم.[٢]
وقد ذكر العلماء خصائص موضوعية تتميز بها السور المدنيّة، ومن أهمّها ما يأتي:[١]
- تتحدث السور المدنيّة غالباً عن دقائق التشريع، وأنواع القوانين؛ فتبيّن العبادات، والمعاملات، والحدود، وفضيلة الجهاد، والعلاقات الاجتماعيّة، وغير ذلك من الأحكام.
- تخاطب السور المدنيّة أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لدعوتهم إلى الحق، وبيان تحريفهم لكتاب الله -تعالى-، وبيان ضلالهم.
- تتحدّث السور المدنيّة عن أحوال المنافقين، وسلوكهم، وبيان خطرهم على الدين، وتحذير أهل الإيمان من سلوك طريقهم.
- سلوك الإطناب، والتطويل في آياتها بخلاف السور المكيّة؛ وسبب ذلك أنّ أهل المدينة لم يكونوا يُضاهئون أهل مكة في الفصاحة والبيان، فناسبهم الشرح والإيضاح، وذلك يتبعه كثير من البسط .[٣]
ضوابط استقرائيّة لتمييز السور المدنيّة
ذكر العلماء ضوابط؛ لتمييز السور والآيات المدنية، كما في النقاط التالية:[٤]
- كلّ سورة فيها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هي سورة مدنيّة.
- كلّ سورة ذُكر فيها فريضة أو ذُكر فيها حدٌّ هي سورة مدنيّة.
- كلّ سورة ذُكر فيها ذكر المنافقين هي سورة مدنيّة.
- كلّ سورة فيها مجادلة أهل الكتاب هي سورة مدنيّة.
الفرق بين المكّي والمدني
تعدّدت طرائق العلماء في التفريق بين المكي والمدني على ثلاثة مذاهب كما يأتي:[٥]
- المذهب الأول: إنّ المكّي ما نزل بمكّة المكرمة، والمدني ما نزل بالمدينة المنورة، فالفرق باعتبار المكان.
- المذهب الثاني: إنّ المكّي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعدها، فالفرق باعتبار الزمان، وهذا أشهر الأقوال.
- المذهب الثالث: إنّ المكي ما كان خطاباً لأهل مكّة، والمدني ما كان خطاباً لأهل المدينة، فالفرق باعتبارالمخاطب.
كيفية التفريق بين المكي والمدني
قال العلماء: إنّ لمعرفة المكي والمدني طريقين لا ثالث لهما، وذلك فيما يأتي:[٦]
- الطريق الأول
أن يُنقل عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، أو عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنّ هذه السورة مكيّة، أو مدنيّة، ومن ذلك ما جاء عن عبد الله ابن مسعود أنّه قال: (وَالَّذِي لا إلَهَ غَيْرُهُ ما مِن كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ إلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَما مِن آيَةٍ إلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيما أُنْزِلَتْ، ولو أَعْلَمُ أَحَدًا هو أَعْلَمُ بكِتَابِ اللهِ مِنِّي، تَبْلُغُهُ الإبِلُ، لَرَكِبْتُ إلَيْهِ).[٧]
- الطريق الثاني
ضوابط، وخصائص وضعها العلماء من خلال استقرائهم لكتاب الله -جلّ وعلا-؛ لتمييز المكي والمدني، وتمكن القارئ من التفريق بين السور المكية والمدنية بكل سهولة ويسر.
المراجع
- ^ أ ب مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ نور الدين عتر ، علوم القرآن الكريم، صفحة 57. بتصرّف.
- ↑ الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القران، صفحة 204.
- ↑ السيوطي، الاتقان في علوم القرآن، صفحة 68. بتصرّف.
- ↑ بدر الدين الزركشي، البرهان في علوم القرآن، صفحة 187. بتصرّف.
- ↑ نور الدين عتر ، علوم القرآن الكريم، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2463.