الخلافة الأموية
حَكَمت الخلافة الأمويّة ما يقاربُ اثنيْن وتسعين عامًا، وابتدأت من نقلِ الخلافة من أرض الحجاز الى بلاد الشام ممّا أحدث تغيّرًا على نوعية الشعر المتداوَل في تلك الفترة؛ نظرًا لاختلاف بيئة الشام عما كانت علية في الحجاز، وكانَ الحكم الأموي مُتَوارَثًا على أيدي بني أمية فلا يحكم أحد غيرهم، وحيث إنّ الانسان صنيع الإقليم تُغيّرُه الظروف وتُغيّر أحوالَه البيئات المحيطة به، فإنّ هذا يؤثّر في تغيُّرِ أفكاره وطريقة طرحها، ووضحت هذه التغيرات في أحوال العرب في العصر الأموي، حيث تغيّرت كثيرًا عما كانت عليه في الجاهليّة أو في زمن الإسلام حيث تجلت في تطور خصائص الشعر الأموي وامتاز ذلك الشعر بعدة خصائص في تلك الفترة. [١]
خصائص الشعر الأموي
في محاولة تقصّي المعلومات عن خصائص الشعر الأموي في ذلك العصر لا بدّ من الوقوف على كل ّخاصية على حِدة حتى لا يُفقد التعميم الدقّةَ والوضوح في مُخرجات ذلك العصر وطريقتهم في الكتابة الشعرية، [٢] ومن خصائص الشعر الأموي ما يأتي: [٣]
- انتقى الشعراء الأمويّون مفرداتِهم من المعاجم الإسلامية.
- التزم الشاعر الأموي بالقافية والوزن وقوّة التركيب في بناء القصيدة، وذلك يعود إلى الشعر الجاهلي لما فيه من قوة و متانة.
- كتب الشعراء الأمويّين قصائدهم التي كانت عبارة عن تأريخ لما كان يحدث من حروب تاريخه.
- كانت بداية شعر النقائض الذي كان يُبنى على التعصّب القَبَلِيِّ وتفاخر النسب والحسب التي كان قد سبق وحرّمها الاسلام، وتهدف الى التنافس عندَ الخلفاء والوزراء، ومن أهمّ فرسان هذا الشعر هم: جريرُ والأخطل والفرزدق.
- جدّد الأمويّون وصف الخمر حيث ان الشعراء لم يتقنون وصف الخمر الا في العصور العباسية، لكنهم بدأوا في العصر الأموي؛ لأنّهم انغمسوا في اللهو واللعب في أواخرالدولة العباسية وأوائل الدولة، وأول من وصف الخمور من المسلمين هو الوليد بن يزيد الخليفة السكير، وقد وصفها أيضًا في الجاهلية عدي بن زيد والأعشى، ثمّ ذكرها الأخطل ووصف زجاجة الخمر بقوله:
وتظلّ تتحفنا بها قرويّةٌ
- بريقها برقاعه ملثومُ
فإذا تعاورت الأكفّ زجاجها
- نفحت فشمّ رياحَها المزكومُ
- كثرة التشبيهات، فقد كان الشاعر الجاهلي يكتب أبيات الشعر تغزّلًا في محبوبته، يعبّر فيها عن محبّته وما تكنّه جوارحُه، دون ذكر اسم المحبوبة صراحةً؛ حتّى لا يعلم أهله بتشبيبِه ويَمنعوه من التزوّج بها، حيث إنهم شديدو الغَيرة على نسائهم، وإذا سطا عليه أعداء وشعر بالخوف على حياته من العدو ذهب الى امراته وقتَلها غيرةً عليها حتى لا يمسّها بعد موته، وفي أغلب مناسبات القصائد تبدأ الأبيات بالغزل، كما فعل دريد بن الصمة حين رثى أخاه بقصيدة كان في صدرها أبيات غزلية.
أغراض الشعر الأموي
الذي برز في الحياة العربيّة لهذا العصر شعر الحدود والقصاص الذي شرعه الإسلام، وتضمنت أيضا دخول الخوف من الوالي الذي كان يشاع عنه القوة مثل الحجاج بن يوسف الثقفي، وازدهرَ الشعر البدويّ العفيف، والغزل الذي يتسم بالحضارة واللهو والترف، ولعلّ من أهم أغراض الشعر الأموي هو الشعر السياسيّ الذي سبّبت في ظهوره كثرةُ النزاعات بين الأحزاب السياسيّة على تقلّد مقاليد الحكم بين الخوارج من الشيعة والأمويّين والهاشميّين، وعدّت السياسة والغزل من الأمور المستحدثة في ساحات الشعر الإسلامي في ذلك العصر. [٤]
شعر من العصر الأموي
اشتُهر العصر الأموي في كُتب الأدب والشِّعر بالعديد من القصائد الفريدة، حيث كانت تشتمل على الغزل ووصف الخمر والتعصب القبلي، ومن تلك الأشعار ما وردَ في بطون الشعر العربيّ ومظانّه، وكانت شاهِدًا على براعة الشاعر الأمويّ، من ذلك ما يأتي:
- قصيدة الفرزدق: [٥]
لمّا أُجِيلَتْ سِهامُ القَوْمِ فاقتَسَمُوا
- صَارَ المُغِيرَةُ في بيْتِ الخَفَافِيشِ
في مَنْزلٍ ما لَهُ في سُفْلِهِ سَعَةٌ
- وَإنْ تعرَقّى بصُعْدٍ غَيرِ مَفْرُوشِ
- قصيدة الأخطل: [٦]
عقدْنا حبلَنَا لبني شئيمٍ
- فأضحى العزُّ فينا واللواءُ
وأضحتْ عامرٌ تعتادُ دوْسًا
- كما اعتاد المطلقةَ النساءُ
- قصيدة جرير: [٧]
حيّوا أمامةَ واذكروا عهدًا مضى
- قَبْلَ التّصَدّعِ مِنْ شَماليلِ النّوَى
قالتْ بليتَ فما نراك كعهدنا
- ليت العهود تجددتْ بعد البلى
أأُمَامُ! غَيّرَني، وأنتِ غَريرَةٌ
- حاجات ذي أربٍ وهمٌّ كالجوى
قالَتْ أُمامَةُ: ما لجَهْلِكَ ما لَهُ،
- كيف الصبابةُ بعد ما ذهب الصبا
ورأت أمامة في العظام تحنيًا
- بعدَ استقامته وقصرًا في الخطا
- قصيدة الأحوص : [٨]
رَامَ قَلْبِي السُّلُوَّ عَنْ أَسْمَاءِ
- وَتَعزَّى وَمَا بِهِ مِنْ عَزَاءِ
سُخْنَة ٌ في الشِّتَاءِ بَارِدَة ُ الصَّيْـ
- ـفِ سِرَاجٌ في اللَّيْلَة ِ الظَّلْمَاءِ
كَفِّنَانِي إنْ مِتُّ فِي دِرْعِ أَرْوَى
- وامْتَحَا لِي مِنْ بئْرِ عُرْوَة َ مَائِي
إنَّني والَّذي تَحُجُّ قُرَيشٌ
- بَيْتَهُ سَالِكِينَ نَقْبَ كَدَاءِ
لَمُلِمٌّ بِهَا وإِنْ أُبْتُ مِنْها
- صادِراً كالّذي وَرَدْتُ بِدَاءِ
- قصيدة الطرماح: [٩]
أخبرتُ ضبَّة َ تهجوني لأهجوهَا
- ولوْ حُدوا كحداءِ القينْ ما عادوا
كادُوا بِنَصْرِ تميمٍ لي، لِتُلْحِقَهُمْ
- فيهمْ، فَقَدْ بَلَغوا الأمْرَ الَّذي كادُوا
أوْدَلَّهُمْ بَعْضُ مَنْ يَرْتَادُ مَشْتَمَتي
- عَلَيَّ، فَلْيَحْذَرُوا واطَعْمَ الَّذي ارْتَادُوا
كانُوا علَى عهدِ ذي القرنينِ أربعةً
- وَقْفاً، فما أُنْقِضُوا مِنْهُ، ولا زَادُوا
المراجع
- ↑ "الادب الاموي"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019، بتصرّف.
- ↑ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، صفحة 306، جزء 8، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019
- ↑ ابن رشيق القيرواني، حمادة، جمال، العمدة، صفحة 151، ، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019، بتصرّف.
- ↑ "أغراض الشعر في عصر صدر الإسلام والعصرالأمويّ (الهجاء)"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019، بتصرّف.
- ↑ "لما أجيلت سهام القوم فاقتسموا"، www.adab.com.، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019.
- ↑ "عقدْنا حبلَنَا لبني شئيمٍ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019.
- ↑ "حيوا أمامة َ واذكروا عهداً مضى"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019.
- ↑ "حيوا أمامة َ واذكروا عهداً مضى"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019.
- ↑ "أخبرتُ ضبَّة َ تهجوني لأهجوهَا،"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2019.