محتويات
خصائص القانون الإداري
يُعد القانون الإداري أحد فروع القانون العام، كما يُعرف على أنه: "مجموعة من القواعد التي تحكم تكوين السلطة الإدارية ونشاطها في أداء وظيفتها من الإشراف على المرافق العامة وغيرها تحقيقًا للصالح العام"،[١] وللقانون الإداري خصائص تُميزه عن مُختلف القوانين الأخرى، تتمثل بما يأتي:
حداثة النشأة
يُعد القانون الإداري حديث النشأة مُقارنةً مع مُختلف القوانين الأخرى؛ كالقانون الجنائي، والقانون الدولي، والقانون المدني، وقانون العمل، ويُعدّ ذلك من أبرز الخصائص التي يتميز بها القانون الإداري.[٢]
لم تتضح معالم القانون الإداري بشكلٍ جوهري إلا في أواخر القرن التاسع عشر في فرنسا، وذلك بفضل جهود مجلس الدولة الفرنسي، وما وضعه الفقه الفرنسي من نظريات حديثة في مجال القانون الإداري، ليس ذلك فحسب، بل زادت التطورات التي شهدتها الحضارة الإنسانية خلال القرن العشرين مع اكتمال قوام القانون الإداري.[٢]
صعوبة التقنين
يُقصد بالتقنين: "تجميع قواعد فرع من فروع الأنظمة في مجموعة نظامية واحدة تشمل كافة القواعد التي يقوم عليها هذا الفرع"، إلا أنّ القانون الإداري من غير الممكن تجميع كافة قواعده التي يقوم عليها في مجموعة نظامية واحدة على غرار غيره من القوانين؛ كقانون العمل أو القانون المدني وغيره.[٣]
يعود السبب في صعوبة تقنين القانون الإداري إلى تطوره المُستمر في مُختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والذي يشمل الأجهزة الإدارية وأنشطتها، لكن وحلًا لهذه المشكلة تم إيجاد ما يُسمى بالتقنين الجزئي لبعض الموضوعات الإدارية التي تتفق طبيعتها مع التقنين الثابت ثباتًا نسبيًّا؛ كنظام الخدمة المدنية.[٣]
الطابع القضائي
يغلب الطابع القضائي على قواعد القانون الإداري، ويعني ذلك أنَّ القانون الإداري في مُجمله يُعد قانوناً قضائياً، حيث يُجمع أغلب الفقهاء والقضاة الإداريون على هذا الأمر، وبالتالي فإنَّ القضاء الإداري هو المصدر الرئيسي لتشريعات القانون الإداري وأحكامه.[٤]
ويعني ذلك أن القانون الإداري شُرعت أحكامه من قِبل القضاء وليس من قِبل المُشرِّع؛ وذلك لأنَّ القضاء الإداري لم يكن قضاءً تطبيقياً كالقضاء المدني.[٤]
يُعتبر القانون الإداري قضاءً إنشائياً تُبتكر أحكامه ومبادئه القانونية، بالإضافة إلى إيجاد الحلول المُناسبة التي تتفق مع طبيعة العلاقات التي تنشأ بين الإدارة من جهة والأفراد من جهة أخرى، خاصّةً إذا وجد القاضي الإداري نفسه أمام واقعة مُتنازع عليها لا يوجد أي نص قانوني يحكمها، فعليه في هذه الحالة أن يجتهد لحل مثل هذه المُنازعات.[٤]
المرونة وسرعة التطور
يتميّز القانون الإداري بمرونته وقابليته للتطور الدائم وبشكلٍ مُستمر؛ وذلك لأنَّ حاجات المُجتمع تتطور باستمرار تبعًا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والتقني الذي يُترجم وظيفة الدولة الحديثة واتساع صور أنشطتها.[٥]
يترتب على التطور المتسارع واتساع الأنشطة تغيرًا مُستمرًا في ظروف المُجتمع، ممّا يُحتّم على الإدارة العامة الاستجابة لهذه التطورات؛ لذلك يقع على عاتق المُشرع الإداري مسايرة جميع هذه التغيرات وتنظيمها بقواعد قانونية إدارية مرنة ومتطورة تُتيح للحكومة الإدارية السير على نهجها بكل سهولةٍ ويُسر.[٥]
الاستقلالية
يستقل القانون الإداري بمبادئه ونظرياته عن القانون الخاص، وينبثق عن ذلك أنَّ القاضي الإداري له سُلطة تقديرية في استنباط الحلول والأحكام واجبة التطبيق على روابط القانون العام، وذلك دون أن يكون ملزمًا بالقواعد المُنظمة في القانون الخاص إلّا ما استثني بنصٍ خاص.[٦]
يتمتّع القانون الإداري بجُملة من القواعد والنظريات الخاصة به والتي لا مكان لها في غيره، بحُكم قيامها على فكرة السلطة العامة، ونتيجة لهذا الاستقلال عن باقي القوانين مُنحت الإدارة العامة نوعًا من الامتياز يجعلها في مرتبة أعلى دائمًا من مركز الأفراد المُتعاملين معها.[٦]
مصادر القانون الإداري
تتحد مصادر القانون الإداري مع مصادر القاعدة القانونية بشكلٍ عام، مع بعض الاختلافات البسيطة في التفصيلات، ومن أهم المصادر التي تحكم القانون الإداري حسب أهميتها هي:
التشريع الإداري
يُعد التشريع الإداري أول مصدر من مصادر القانون الإداري الرسمية، ويُقسم التشريع في هذا السياق إلى: الدستور والقانون العادي، حيثيُعد الدستور القانون الأساسي والأسمى بالنسبة للنظام القانوني للدولة، وهو المصدر الأول للقانون الإداري حيث وضع الأسس العامة لبناء الجهاز الإداري في الدولة وكيفية تنظيمه.[٧]
أمَّا القانون العادي فهو أحد مصادر القانون الإداري بمعناه الضيّق، حيث إنَّ أغلب جوانب الإدارة العامة تُنظمها وتحكمها قواعد وأحكام واردة في عدّة قوانين صادرة عن السلطة التشريعية.[٧]
القضاء الإداري
يُعرف القضاء الإداري بأنه: "مجموعة من الأحكام والقواعد الصادرة عن المحاكم الإدارية في الدولة والتي تُعد المرجع الهام للقضاة والباحثين والمحامين؛ لأنها تكشف عن جوهر القواعد الإدارية وكيفية تطبيقها في الواقع العملي".[٨]
وبالتالي فإنَّ سلطة القاضي في مجال القانون الإداري هي تفسير النصوص الغامضة بالاستعانة بمُختلف وسائل التفسير المُقررة لذلك، بالإضافة إلى التوفيق والتقريب بين النصوص المُتعارضة والمتناقضة. [٨]
وبالتالي فإنّ القاضي يقوم بدور مميز، حيث إنّ له سلطة تقديرية لاستنباط قاعدة تتلاءم مع طبيعة المُنازعة المعروضة عليه إذا سكتت نصوص التشريع عن إيجاد الحلول المُناسبة لها.[٨]
العرف الإداري
يُعرف العرف الإداري بأنه: "كل سلوك مشروع اعتادته إدارة حكومية إزاء مشكلة معينة خلال فترة زمنية رسخ معها الاعتقاد من الأفراد والإدارة بلزوم اتباعه في الحالات المماثلة"، وممّا يُميز العرف الإداري أنه يُكمل ما نقص في النصوص، ويوضّح الغامض منها أيضًا، هذا الأمر يُساعد الإدارة على تسيير أعمالها بشكلٍ صحيح.[٩]
يُعد العرف الإداري مصدرًا خصبًا لتطوير الأنظمة واللوائح الإدارية، حيث يُساعد السلطتين التنظيمية والتنفيذية على تطوير أحكام هذه الأنظمة واللوائح إمّا بالتعديل أو الإلغاء، وقد يمنح العرف الإدارة العامة سلطةً تقديريةً في تسيير المرافق العامة.[٩]
الفقه الإداري
يُقصد بالفقه الإداري: "مجموعة من القواعد التي يستنبطها المُتخصصون في علم القانون الإداري من خلال دراساتهم وأبحاثهم المُختلفة"، وبالرّغم من أنَّ الفقه الإداري أحد مصادر القانون الإداري، إلا أنه ليس مصدرًا مُلزمًا من مصادر القانون الإداري.[١٠]
بالتالي يُعد الفقه الإداراي من المصادر غير الرسمية له، حيث يُمكن للقاضي الإداري العودة إلى الفقه الإداري لمجرد الاستئناس بأحاكمه عند وجود غموض في المصادر الرسمية الأخرى، إذ إن قوة الفقه كمصدر من مصادر القانون الإداري تقوم بشكلٍ أساسي على الإقناع؛ أي أنها لا تقوم على الإلزام، حالها كحال المصادر الأخرى؛ كالتشريع على سبيل المثال.[١٠]
المبادئ العامة للقانون
تعني المبادئ العامة للقانون: "بأنها تلك المبادئ التي يكتشفها أو يستنبطها القضاء من المقومات الأساسية للمجتمع ويُقررها ويُعلنها في أحكامه"، وهي في مجالات القانون الإداري تلك المبادئ العامة غير المكتوبة، والتي يستخلصها القاضي الإداري من طبيعة الوقائع المنظورة أمامه بشكلٍ رئيسي.[١١]
وممّا يميزها عن غيرها قوتها المُلزمة، لكن وبالرّغم من قوتها إلا أنَّ هناك صعوبة في تحديد مدى هذه الإلزامية وقيمتها القانونية بالنسبة لمصادر القانون الإداري الأخرى.[١١]
تتميّز قواعد القانون الإداري عن قواعد القانون الخاص بشكلٍ جوهري، ولعلَّ السبب في ذلك تنظيمها لعمل السلطة العامة، حيث تتسم قواعد القانون الإداري بالحداثة، فلم تُنظَّم أحكامه إلا في أواخر التسعينات، وهناك صعوبة في تقنين أحكامه في شريعة واحدة؛ لمواكبته التطورات التي تشهدها الدولة في مُختلف العصور.
وللقانون الإداري العديد من المصادر الرسمية وغير الرسمية؛ كالتشريع، والقضاء، والعُرف، والفقه، والمبادئ العامة للقانون.
المراجع
- ↑ "The different branches of law", baripedia, Retrieved 14/11/2021. Edited.
- ^ أ ب محمد الصغير، القانون الإداري، صفحة 18. بتصرّف.
- ^ أ ب جابر سعيد، القانون الإداري في المملكة العربية السعودية، صفحة 13-14. بتصرّف.
- ^ أ ب ت جامعة فلادلفيا، القانون الإداري، صفحة 10. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة فيلادلفيا، القانون الإداري، صفحة 9. بتصرّف.
- ^ أ ب طعيمة الجرف، القانون الإداري، صفحة 35-36. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الصغير، القانون الإداري، صفحة 13-14. بتصرّف.
- ^ أ ب ت طعيمة الجرف، القانون الإداري، صفحة 63-64. بتصرّف.
- ^ أ ب جابر سعيد، القانون الإداري في المملكة العربية السعودية، صفحة 38-40. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة فلادلفيا، القانون الإداري، صفحة 8. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة فلادلفيا، القانون الإداري، صفحة 9. بتصرّف.