محتويات
خصائص نظام الاقتصاد الإسلامي
جعل الله -سبحانه وتعالى- الإسلام دينًا شاملًا لجوانب الحياة الإنسانية كاملة؛ ومن ذلك أن شرع فيه نظامًا اقتصاديًا يلبّي حاجات الفرد والمجتمع على حد سواء، ويحفظ به مصالح الأفراد وجماعة المسلمين، وقد تفرّد هذا النظام بخصائص كثيرة هامّة تجعل الفرق بينه وبين غيره من الأنظمة الوضعية واضحًا جليًا، وفيما يلي بيان جانب منها.
نظام رباني
إنّ نظام الاقتصاد الإسلامي نظام رباني؛ أي أن مصدره هو الله -سبحانه وتعالى-، ودليل ذلك ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، من نصوص شرعية حول أحكام المعاملات المالية المختلفة وما يتصل بها، كقوله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)،[١] ولذلك ميّزات عديدة منها:[٢]
- يستنبت في النفس الإنسانية وازعًا قويًا؛ لحمايته والتزام ضوابطه وتعاليمه.
- يفرض على الجميع قدرًا واحدًا من الانضباط والمتابعة له؛ فالحاكم والمحكوم فيه سواء، ومصدره هو الله -عز وجل- المتفوّق على كل المخلوقات.
- يحقق التوازن المطلوب بينه وبين الأنظمة الأخرى؛ كالنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي، فمصدرها كلها واحد، فلا تعارض بينها ولا تجزئة.
مراعاة الفطرة الإنسانية
اهتم التشريع الإسلامي بفطرة الإنسان وغريزته، وذلك بالالتفات إلى أصلها مع تهذيبها والرقابة عليها كي لا تنحرف أو تتشوه، ويدلّ على اعتبار الفطرة في نظام الاقتصاد الإسلامي قول الله -تبارك وتعالى-: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)،[٣] فقد أقر الله -تبارك وتعالى- بحب الإنسان للمال والتملّك. ومن مظاهر العناية بفطرة الإنسان في نظام الاقتصاد الإسلامي ما يلي:[٤]
- اقراره لحقّ الإنسان بالتملّك.
- تشريعه لنظام الإرث؛ الذي ينسجم مع فطرة الإنسان في خوفه على أبناءه، ورغبته في تمليكهم ماله بعد وفاته.
- إباحته لحصول الإنسان على ثمرة جهده ونشاطه وانتفاعه بذلك؛ فالإنسان مفطور على الرغبة في الحصول على مقابل إنجازه.
الاعتدال والتوازن
يغلب على الأنظمة الاقتصادية المختلفة النظر إلى جانب واحد من الحقيقة وإغفال الجوانب الأخرى؛ مما يؤدي إلى اختلالها وضعفها، أما نظام الاقتصاد الإسلامي فقد جاء معتدلًا متوازنًا لكون مصدره من الله الحكيم، فلم يطغى فيه جانب حق الفرد على جانب حق المجتمع كما في النظام الرأسمالي؛ الذي أعتنى بحماية الملكية الفردية وما يتصل بها في حين أغفل حق المجتمع، فنتج عن ذلك أضرار كثيرة.[٥]
وصار الأمر في النظام الشيوعي إلى عكس ذلك؛ فحرص واضعوه على تحقيق مصلحة المجتمع، وأغفلوا حقوق الأفراد، فأدى ذلك إلى ظلمهم ومنعهم من حقوقهم في حرية التملّك والعمل، ولكن الإسلام كان نظاماً وسطاً بين هذا وذاك؛ فوازن بين حقوق الفرد ومصالح المجتمع بما يؤدي إلى تحقيق الاعتدال والتوازن.[٥]
مراعاة معاني الأخلاق
جاء نظام الاقتصاد الإسلامي محاطًا بقدر من الضوابط الأخلاقية لعملية التنمية الاقتصادية، فلم يجعل العملية الاقتصادية بمنأى عن الأخلاق الكريمة، ويظهر ذلك في عدد من التشريعات والضوابط التي أقرّها، وفيما يلي بيان جانب منها:[٦]
- تحريم الربا والغش والاحتكار
وغيرها من الأساليب التي تعود على أفراد المجتمع بالضرر.
- الاهتمام بنظام التكافل الاجتماعي
من خلال الأمر بإخراج الزكاة، والحثّ على الصدقات، ومختلف الوسائل التي تعزز الانتماء والتكافل داخل المجتمع.
- تحريم اكتناز الأموال
والحثّ على استثمارها فيما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع بشكل عام.
- النهي عن استخدام الثروات فيما يضر بالناس
أو في الحصول على المناصب والمكاسب الاجتماعية، بأساليب غير مقبولة كالرشوة.
التأكيد على سد حاجات الأفراد
للإنسان حاجات أساسية لا يستطيع العيش دونها؛ كحاجته للماء والغذاء والمسكن، وقد اعتنى نظام الاقتصاد الإسلامي بتوفير هذه الحاجات بشكل لازم لكل إنسان، وذلك عبر وسائل متعددة ومتدرجة، وفيما يلي بيان هذه الوسائل:[٧]
- الأصل أن يسدّ الإنسان حاجته بنفسه
ولذا حثّ الإسلام على العمل والاجتهاد، قال -تعالى-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ)[٨].
- تلتزم الدولة بتوفير العمل للقادرين عليه.
- إذا عجز الإنسان عن سد حاجته بنفسه، وجب على أسرته القيام بذلك، وفق قواعد الشرع في باب النفقات.
- إذا لم تتمكن أسرة الإنسان من سدّ حاجته أيضًا؛ وجب الإنفاق عليه من أموال الزكاة.
- إذا لم تكفِ أموال الزكاة في سد حاجة الإنسان؛ وجب سدّها من أموال بيت المال الأخرى.
- إذا لم تكفِ أموال بيت المال لسدّ حاجة المحتاجين؛ وجب على الأغنياء سدّ حاجة الفقراء.
تحقيق التعاون والتراحم
حثّ الإسلام أتباعه على التعاون والتراحم فيما بينهم فقال -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)،[٩] ومن ذلك التعاون فيما بينهم اقتصاديًا؛ فقد جاءت تشريعات نظام الاقتصاد الإسلامي بتوجيه أغنياء المسلمين إلى التعاون والرحمة بفقرائهم، ووجّهتهم إلى تقديم يد العون والمساعدة لهم، ولو نظرت إلى المجتمعات التي تتبنى أنظمة اقتصادية أخرى لوجدتها تعاني من صراع بين طبقاتها الاجتماعية، مما يؤدي إلى تفككها وفسادها.[١٠]
ومن الجدير بالذكر أنّ الإسلام يخبر أتباعه بأنهم إخوة فيما بينهم، وأن المال الذي معهم في حقيقته مال الله -عز وجل-، وقد أمر بجعل نصيب منه للفقراء المحتاجين، وفرض في سبيل ذلك جملة من التشريعات؛ كالزكاة والخمس والخراج، وحثّ على غيرها من المستحبات كالصدقات ومختلف أبواب النفقة، مما يعين على تحقيق الألفة والمودّة بين المسلمين.[١٠]
المبادئ العامة لنظام الاقتصاد الإسلامي
يقوم نظام الاقتصاد الإسلامي على مجموعة من المبادئ، فيما يلي بيان جانب منها:[١١]
- مبدأ الملكية المزدوجة.
- مبدأ العدالة الاجتماعية.
- مبدأ الحرية الاقتصادية.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:275
- ↑ علي جريشة، أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي، صفحة 224-225. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية:20
- ↑ عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة، صفحة 243-244. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة وطرقها، صفحة 50. بتصرّف.
- ↑ نبيل السمالوطي، بناء المجتمع الإسلامي، صفحة 300-301. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة، صفحة 244-246. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية:10
- ↑ سورة المائدة، آية:2
- ^ أ ب عمر الأشقر، نحو ثقافة إسلامية أصيلة، صفحة 296. بتصرّف.
- ↑ توفيق أزرق، الخصائص العامة للاقتصاد الإسلامي وأهم المبادئ التي تحكمه، صفحة 7-8. بتصرّف.