الخصائص الشعر الجاهلي المعنوية
يُلاحظ أنّ للشعر الجاهلي العديد من الخصائص، والتي منها الآتي:
الواقعية والوضوح
يستقي الشاعر الجاهلي من بيئته البدوية مادةً يغذي بها شعره الذي يمثل تصويرًا واضحًا وبسيطًا عن واقعه، فهو لا يترك أيّ شيء وقعت حواسه عليه إلّا وبان ذلك في شعره واتضح، كما يدل وضوح الشاعر وبساطته على عقليته التي لا تعتمد على فلسفة، ولا على غموض.[١]
إنّ البساطة في الشعر لا تعني أنّه ساذج، وإنّما هو شعر ذو معانٍ ولغة وأخيلة تدل على رقي عقل صاحبه، ومهارته في صناعة ونظم الشعر، وصياغة معانيه على الوجه الأحسن.[١]
البساطة
تعني البساطة أنّ الشاعر يبتعد في شعره عن التكلف، والصنعة، والتعقيد، فهو وُلد في عيشة بدوية تعتمد على الفطرة والطبع والبساطة، فلا يتكلف ويتصنع في قول شيء لا يحسّ به.[٢]
الاستطراد والإطالة
تعني الإطالة أن يكون الشاعر طويل النفس يُحب أن يُطيل قصائده؛ والاستطراد أن يتطرق لموضوعات أخرى سواء أكانت قريبة المعنى أم بعيدةً عن المعنى الأساسي في القصيدة، وهذا ضرب ممّا يُحمد عليه الشاعر وقتها.[٣]
النزعة الوجدانية
يتصف الشعر الجاهلي بالوجدانية أيّ أنّه يصف صاحبه وشعوره، فحينما يصف الشاعر موضوعًا واقعيً؛ا كالحرب أو الصيد ويضع شعوره في القصيدة، فإنّ ذلك يجعل شعره ذا موضوع وجداني.[٢]
القول الجامع
يفتخر الأقدمون حينما يستجمع الشاعر قوله، أيّ أن يجمع البيت الواحد معان تامة كثيرة.[٣]
الخيال
إنّ اتساع الصحراء وآفاقها منح الشاعر اتساعًا في الخيال، الأمر الذي منح القدرة على تأليف صورة جميلة تعكس مكنونه الداخلي، فالشاعر الجاهلي ينقل ما يراه في يومه من مشاهدات وتجارب، ويسجلها عن طريق الاستعارة والتشبيه والكناية أكثر من اعتماده على انتزاع صورة من الطبيعة.[٣]
الصدق
حينما لا يتكلف الشاعر في شعره، ويكتب أبياته كما يشعر بها على وجه الحقيقة، فإنّ ذلك يُعبر عن صدق الشاعر في تعبيره عمّا في نفسه.[٣]
تعدد الموضوعات
تتميز الموضوعات الرئيسية للشعر الجاهلي بأنّها ذات أغراض تتضمن معنى المديح، أو الهجاء، أو التشبيب، أو الوصف، أو الاعتذار، أو الرثاء.[٣]
الروح الجماعية
إنّ أهمية الشاعر في قبيلته تأتي من أنّه المعبر عن حالها، ولسانها والناطق باسمها، ففي غالب شعره يتحدث بصيغ الجمع، وحتى لو أنّ النزعة الوجدانية طاغية في الشعر الجاهلي إلّا أنّها لم تتجاوز الروح الجماعية.[٤]
توثيق الأحداث
يُمثّل الشعر الجاهلي وثيقةً مهمةً عن تاريخ ذلك الوقت، فهو سُمي بديوان العرب، لكثرة المعلومات التي يُمكن جمعها من خلاله، فهو يُخبرنا عن حالة العرب العقلية والاجتماعية آنذاك، وكيف كانت عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم، ويُوضح ما كان عندهم من أمور دينية وعبادة، وعلوم، ومعرفة، وصناعة، وكيف كانت أحوال الجزيرة العربية، حيث يصف جغرافيتها وأمكنتها.[٥]
نماذج من الشعر الجاهلي
نماذج من الشعر الجاهلي فيما يأتي:
قصيدة: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل
قال امرؤ القيس:[٦]
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
- بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا
- لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا
- وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأَنِّيْ غَدَاة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
- لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِيْ عَليََّ مَطِيَّهُمْ
- يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ
قصيدة: هل غادر الشعراء من متردم
قال عنترة بن شداد:[٧]
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
- أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
- وَعَمي صَباحًا دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
- فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
- بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
- أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
المراجع
- ^ أ ب جامعة أم القرى، الأدب في العصر الجاهلي، صفحة 43. بتصرّف.
- ^ أ ب عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي، صفحة 76-78. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج عبد الله حمد، قراءات أسلوبية في الشعر الجاهلي، صفحة 12-16. بتصرّف.
- ↑ جامعة أم القرى، الأدب في العصر الجاهلي، صفحة 44. بتصرّف.
- ↑ حنا فاخوري، تاريخ الأدب العربي، صفحة 69. بتصرّف.
- ↑ "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/6/2022.
- ↑ "هل غادر الشعراء من متردم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/6/2022.