خطبة أول جمعة في رمضان

كتابة:
خطبة أول جمعة في رمضان


مقدمة الخطبة

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، الحمد لله الذي فرض علينا الصيام، ووعدنا برفع الخطايا والآثام، وبدخول دار السلام، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحمداً عبده ورسوله، خيرُ من صلى وصام، وحج وقام، وطاف وسعى.


الوصية بالتقوى

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله ولُزوم طاعته، وأُحذّركم ونفسي من مُخالفته وعصيان أومره، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[١]

الخطبة الأولى

يا معاشر المُسلمين، نتفيّأ في هذه الأيام ظِلال شهر رمضان، ونحمدهُ سبحانه بأن مدّ بأعمارنا لنُدرك هذا الشهر العظيم، والموسم الكريم، الشهر الذي يتنافس فيه المُتنافسون في طاعة ربهم، وإكثارهم من الأعمال الصالحة، فشهركم شهر الصيام والقيام، وقد ضمن الله ورسوله لمن أدّاهما بإيمانٍ وإحسان بمغفرة ما تقدمهما من الإثم.[٢]

كما أنّ هذا الشهر هو شهر البر والصدقة، والجود والمواساة، فهو شهرٌ فيه الكثير من الفضائل والجوائز التي ينالها المُسلم المُحافظ على العبادات والطاعات، فالله -تعالى- يُضاعف فيه الأعمال، سواءً أكانت من الفرائض أو النوافل، كما أن فيه ليلة القدر، والتي هي خيرٌ من ألف شهر، ومن قامها إيماناً واحتساباً لوجه الله -تعالى- غُفر له ما تقدم من ذنوبه.[٢]

يا عباد الله، إنّ الأعمال البسيطة في هذا الشهر لها أُجور عظيمة، وقد شرع الله -تعالى- لنا صيام هذا الشهر لنصل بذلك إلى درجة التقوى، لقوله -تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٣]وتتحصل هذه الدرجة بمنع الجوارح وكفّها عن المُحرمات، سواءً أكان ذلك بالقول؛ كاجتباب الكذب، والغيبة، والنميمة.[٢]

وحتى يحصّل المُسلم على أجره كاملاً؛ ينبغي عليه أن يبتعد عن المُحرمات بكافة أشكالها وصورها، وأن يلتزم بآداب الصيام وسُننه، فيبتعد عن السبّ والشتم، لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في الحديث القُدسيّ: (قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ).[٤][٢]

يا عباد الله، اعلموا أنّ الصيام من العبادات الجليلة العظيمة، ولا يعلم فضلها وقدرها إلا الله -تعالى-، وقد فرضه علينا رحمةً بنا، وإحساناً وحمايةً لنا، كما أنه أحد أركان الإسلام الخمسة.[٥]

وبارك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيهما من الآيات والذكر الحكيم، وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كُلِّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له يُحب المحسنين، ويَجزي المتصدِّقين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، والناصح المعين، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وبعد:

إنّ الصائم الحقيقيّ هو الذي يحرصُ على الابتعاد عن اللهو الباطل، ويبتعد عن إضاعة وقته فيما لا فائدة منه، فالصيام لا يعني الابتعاد عن المُفطرات فقط، بل هو إمساكٌ للعين عن الحرام، وللسان عن الفُحش والبذاءة.


كما يحرص المُسلم على الإكثار من الدُعاء في هذا الشهر الكريم؛ لأن الدُعاء فيه مُستجاب لقوله -تعالى- في أثناء آيات الصيام: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٦][٧] وصل الله على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدعاء

  • اللهم متّعنا بلذة الصيام وبركة القيام.
  • اللهم اغفر لنا ذُنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبّت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
  • اللهم اجعلنا من الفائزين في هذا الشهر العظيم ولا تجعلنا من الخاسرين.
  • اللهم اعتق رقابنا من النار، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المُسلمين، اللهم إنّك عفوٌ تُحب العفو فاعف عنا يا أرحم الراحمين.
  • اللهم اجعل القُرآن العظيم ربيع قُلوبنا، وجلاء هُمومنا، وذهاب غمّنا وهمّنا.
  • اللهم ذكّرنا منه ما نُسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزُقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يُرضيك عنا.
  • اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

اذكروا الله العظيم الجليل يذكرْكم، واشكروه على نِعَمه يزدْكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، سُبحانك رب العزة عمّا يصفون، وسلام على المُرسلين، والحمد لله رب العالمين، عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

المراجع

  1. سورة النساء، آية:1
  2. ^ أ ب ت ث عبدالله بن صالح القصيِّر، "أول جمعة من رمضان"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:183
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:1904، صحيح.
  5. اختيار وكالة شئون المطبوعات والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (1423)، خطب مختارة (الطبعة 3)، السعودية:وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 183. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:186
  7. عبدالله بن عياش هاشم، "أول خطبة في رمضان"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
5731 مشاهدة
للأعلى للسفل
×