حكم خطبة الاستسقاء
إنّ الكائنات جميعها من الإنسان والحيوان والنّبات لا تستطيع العيش دون وجود الماء والأمطار، وقد يشحّ نزول الماء ويُلحق هذا الأمر الضّرر بهم، ولمثل هذه الحالات شرع الله -تعالى- للمسلمين أن يُصلّوا صلاة يطلبون فيها من الله -تعالى- السُّقيا والغيث، وسنتناول في هذا المقال باذن الله -تعالى-التحدث عن خطبة صلاة الاستسقاء، وما هو وقتها، وغير ذلك ممّا يتعلّق بهذه الخطبة.
اتّفق جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة على أنَّ كلاً من الجماعة والخطبة في صلاة الاستسقاء سنّة لا فرض؛ أي أنَّ صلاة الاستسقاء تصحُ عندهم دون خطبة؛ فقد رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّاها بخطبة وصلّاها دون خطبة، وفي بعض الأحيان كان يكتفي بالدّعاء فقط،[١] بينما يرى الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- أنّ صلاة الاستسقاء ليس لها خطبة؛ لأنّ الخطبة لا تكون إلّا تبعاً للجماعة، وصلاة الاستسقاء عنده لا جماعة لها.[٢]
عدد خطبة الاستسقاء
أمّا عن عدد خُطب صلاة الاستسقاء فقد تعدّدت آراء الفقهاء فيها؛ وسبب ذلك عدم ورود روايات صحيحة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حول عدد خُطب صلاة الاستسقاء؛ وبناءً على ذلك فقد ذهب كلاًّ من الإمام مالك والإمام الشّافعي إلى أنّها خُطبتان كما في صلاة العيدين، في حين يرى الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- إلى أنّها خطبة واحدة كصلاة الكسوف والخسوف.[١][٣]
وقت خطبة الاستسقاء
تكون خطبة الاستسقاء بعد الصّلاة عند جمهور الفقهاء؛ وذلك استدلالاً بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ)،[٤] وخالفهم في ذلك الإمام أحمد؛ حيث قال إنّ خطبة الاستسقاء تكون قبل الصّلاة لا بعدها.[١]
سنن خطبة الاستسقاء
يُسنّ للخطيب إذا خطب لصلاة الاستسقاء أن يفعل الأمور الآتية:[٢]
- افتتاح الخطبة بالاستغفار بدلاً من التّكبير الذّي يكون في خطبة العيدين، ويكون الاستغفار عند الشّافعية في الخطبة الأولى تسع مرّات، وفي الخطبة الثّانية سبع مرّات.
- حثّ النّاس على التّوبة والاستغفار وترك الذّنوب والمعاصي؛ ليرأف الله بحالهم ويُغيثهم، فيقرأ عليهم قول الله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا)،[٥] والإكثار من هذه الآيات التّي تُذكّرهم أنّ الرّجوع إلى الله -تعالى- والاستغفار هو سبب رفع البلاء عن المسلمين عامّة.
- الإلحاح على الله -تعالى- والإكثار من الدُّعاء في الخطبة، ويجهر الخطيب بالدُّعاء، أمُّا المصلّون فيدعون سراً، ومن الأدعية المأثورة التي تقال في هذا المقام: (اللهم أَسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا، مَرِيعًا، نافِعًا، غيرَ ضارٍّ، عاجلًا، غيرَ آجِلٍ).[٦]
- استقبال القبلة أثناء الدّعاء في الخطبة، ورفع الأيدي عند الدّعاء.
- تحويل الرّداء، فيجعل الخطيب لباسه الميمنة ميسرة، والميسرة ميمنة وهكذا، لإظهار التّذلل لله -تعالى-
المراجع
- ^ أ ب ت محمود السبكي (1977)، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة 4)، صفحة 139-140، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة 4)، سورية:دار الفكر، صفحة 1446-1449، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سعيد باعشن (2004)، شرح المقدمة الحضرمية المسمى بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (الطبعة 1)، جدة:دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 437، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن زيد، الصفحة أو الرقم:1025، صحيح.
- ↑ سورة نوح، آية:11-10
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1169، صحيح.