محتويات
مشروعية الخِطبة قبل الزواج
شرع الإسلام الزواج وحثّ عليه لكونه مصدر السعادة والاستقرار، وفي هذا المقال بيان لمشروعية الخِطبة قبل الزواج، وآدابها، وتوضيح الحكمة من مشروعية الخطبة قبل الزواج، بالإضافة إلى أهم معايير حسن الاختيار بين الزوجين في الخطبة.
هناك العديد من الأحاديث النبويّة التي تُفيد جواز الخطبة ونظر الخاطب إلى مَن يبتغي خطبتها والزواج بها، ومنها:[١]
- ما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (رَأَيْتُكِ في المَنامِ يَجِيءُ بكِ المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، فقالَ لِي: هذِه امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عن وجْهِكِ الثَّوْبَ فإذا أنْتِ هي، فَقُلتُ: إنْ يَكُ هذا مِن عِندِ اللَّهِ يُمْضِهِ).[٢]
- ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا).[٣]
وتجدر الإشارة إلى توضيح عدّة أمور:[١]
أوّلها: تجب الخطبة على مَن يجب عليه النكاح؛ كمَن كان يخشى على نفسه الوقوع في الحرام ما لم يتزوج، وتُستحب لمَن يُستحب له النكاح؛ كمَن كان قادرا على النكاح لكنّه لا يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، وتحرم على يحرم عليه النكاح؛ كمَن أراد الزواج وله أربع زوجات، وتحلّ لمَن يحلّ له النكاح؛ كمَن أراد النكاح ممّن تخلو من نكاح وعدّة.
ثانيها: اتفق الفقهاء على مشروعية نظر الخاطب إلى المخطوبة، وقد قال الحنفية والمالكية والشافعية وبعض الحنابلة باستحباب نظر الخاطب إلى المخطوبة، ويرى الحنابلة إباحة نظر الخاطب للمخطوبة إذا طلبها للخطبة وغلب على ظنّه الإجابة.[٤]
آداب الخطبة قبل الزواج
هناك العديد من الآداب التي يجدر بالخاطب القيام بها قبل الزواج، منها ما يأتي:
- التعارف وقراءة الفاتحة: يمكن للخاطب التعرف على المخطوبة بإحدى الطريقتين: أوّلهما أن ينظر إليها بنفسه، وثانيها أن يُرسل امرأة يثق بها فتنظر إليها ثمّ تصفها له،[٥] وتجدر الإشارة إلى أنّ الخطبة وعدٌ بالزواج ولا تعتبر عقدا، وما يقوم به الكثير من الناس من قراءة الفاتحة عند الخطبة يعدّ بدعة، حيث إنّ ذلك لم يثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا تصبح الخطبة بذلك عقدا للزواج.[٦]
- النظر إلى المخطوبة: أُشير مسبقا إلى جواز نظر الخاطب إلى المخطوبة، إلّا أنّه يجدر توضيح عدّة أمور متعلقة بذلك وهي كما يأتي:[٧]
- الإذن في النظر: اتّفق جمهور العلماء على عدم الحاجة إلى إذن المخطوبة أو وليّها في النظر لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطب أحدُكم المرأةَ ، فإنِ استطاعَ أنْ ينظرَ منها إلى ما يدعوه إلى نكاحِها فلْيفعلْ)،[٨] وخالفهم في ذلك المالكية فقالوا بكراهة عدم الإذن.
- تكرار النظر: يجوز للخاطب أن يكرّر النظر إلى المخطوبة حتى تطمئن نفسه وتستريح إليها ولا يُضبط ذلك بعددٍ معين بل بمدى الحاجة إليه.
- المواضع التي يُشرع النظر إليها: ذهب جمهور العلماء إلى أنّ المواضع التي يشرع النظر إليها هي الوجه والكفين قياسا على جواز كشفهما في الحجّ، بينما ذهب الحنابلة إلى إباحة النظر إلى الوجه واليد والرقبة والقدم.
- حقّ المرأة في النظر: اتّفق العلماء على مشروعية نظر المرأة إلى وجه وكفّي الخاطب.
الحكمة من مشروعية الخطبة قبل الزواج
شرع الإسلام الخطبة حتى يتمكّن كل من الطرفين من التعرف على الآخر الذي سيُشاركه في حياته، فإن وُجِدت الألفة والمودة والتجاوب ونقاط تلاقي تجمعهما هَمّ الخاطب بالإقدام على الزواج، حيث قال الله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[٩][١٠][١١]
معايير حسن الاختيار بين الزوجين في الخطبة
معايير اختيار الزوج
يجدر بولي أمر المرأة أن يزوجها من رجلٍ صالح يتّصف بالأخلاق الحسنة والنسب الشريف الطيب، ويبتعد عن الرجل الفاجر أو الفاسق أو الظالم، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (النَّاسُ مَعادِنُ كَمَعادِنِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ، خِيارُهُمْ في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإسْلامِ إذا فَقُهُوا).[١٢][١٣]
معايير اختيار الزوجة
هناك عدّة معايير يمكن من خلالها اختيار الزوجة الصالحة، وهي كما يأتي:[١٣]
- كونها امرأة صالحة عفيفة.
- كونها امرأة ودودا ولودا.
- كونها بكرا.
- كونها من بيتٍ عُرف بالأخلاق الحسنة والأصل الطيب.
- كونها لها من الجمال نصيب يكون أدعى لغض بصر الزوج وأسكن لنفسه.
المراجع
- ^ أ ب أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-34. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5125 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1424 ، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 197، جزء 19. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري (1430)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، السعودية:بيت الأفكار الدولية، صفحة 47-48، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ حسام عفانة، فتاوى يسألونك (الطبعة 1)، فلسطين:مكتبة دندنيس، صفحة 163، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 35-38. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:506 ، حسن.
- ↑ سورة الروم، آية:21
- ↑ محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري (1430)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، السعودية:بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2638، صحيح.
- ^ أ ب محمد التويجري (1430)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، السعودية:بيت الأفكار الدولية، صفحة 44-46، جزء 4. بتصرّف.