محتويات
مقدمة الخطبة
الحمد لله الذي جعل العمل الصالح سببًا لدخول جنّاته والبعد عن نيرانه، نحمده -تعالى- حمد الموافين لنعمه الصابرين على ابتلائه، ونصلّي ونسلم على شفيعنا وحبيبنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، هادي الأمّة وكاشف الغمة، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد عباد الله.
الوصية بتقوى الله تعالى
عباد الله: أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم وأحذر نفسي من معصيته، ومخالفة أمره، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[١]
الخطبة الأولى
يقول الله -تعالى- في محكم التنزيل: (كًلً نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)،[٢] آيةٌ عظيمةٌ ترتعد لها الأجساد عند سماعها، آيةٌ واحدةٌ كافيةٌ بأن تُلخّص لنا معنى الحياة بأكملها، آيةٌ يخبرنا الله من خلالها أنّ هذه الدُّنيا دار ممرٍّ لا مقرٍّ، والكيِّسُ الذي يجعل من هذه الدُّنيا ممرًّا لدخول الجنّة لا لدخول النار، فمن زُحزح عن النار وأدخل الجنّة؛ فقد فاز، نعم واللهِ إنّه لفوزٌ وأيُّما فوزٍ، فوزٌ بجنَّةٌ عرضُها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين.[٣]
عباد الله ورد في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما خلقَ اللهُ الجنةَ قال لجبريلَ: اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ إلا دخلَها، ثم حفَّها بالمكارِهِ، ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يدخلَها أحدٌ، قال: فلما خلقَ اللهُ النارَ قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ فيدخلُها، فحفَّها بالشهواتِ ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يبقَى أحدٌ إلا دخلَها).[٤]
وعندما حفَّ الله الجنّة بالمكاره، خشي جبريل -عليه السلام- ألّا يدخلها أحدٌ، وذلك لأنّ ملذات الدُّنيا جميلةٌ وأشغالها كثيرةٌ، تجعل الإنسان ينسى أنّ هناك جنةً ونارًا، وثوابًا وعقابًا، لكنّ طالب الجنّة لا ينام، طالب الجنّة من أسرع الناس استجابةً لأمر الله تعالى وأمر نبيه -عليه الصلاة والسلام-[٥].
وتجده من أصحاب الصفوف الأولى في المسجد، بارًّا بوالديه، يردُّ الحقوق إلى أصحابها، واصلًا لرحمه، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، قائمٌ ليلًا، صائمٌ نهارًا؛ فهذه صفات أهل الجنَّة، نسأل الله تعالى أن نكون منهم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم.[٦]
الخطبة الثانية
الحمد لله على كلِّ حالٍ وأمام كلّ مقالٍ، والصلاة والسلام على سيد الهُدى ومُعلم الرجال، واعلموا عباد الله أنّ الجنة تحتاج منّا الكثير من الجهد والمثابرة للوصول إلى نعيمها الدائم المقيم، وأوصيكم ونفسي بالحرص على التزود بالطاعات والأعمال الصالحة؛ حتى نكون ممّن يدخلون الجنّة ويتنعّمون بالنعيم المقيم مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء.
واعلموا عباد الله أنّكم لدنياكم هذه مفارقون، وفي قبوركم نازلون، وعن أعمالكم ستسألون، وعلى ربكم ستعرضون، وليعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون، واعلموا أيضًا أنّ الله أمركم بأمرٍ قدسيّ وجليلٍ؛ فقال ولا يزل قائلًا عليمًا: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[٧]
الدعاء
اللهم اجعلنا من أهل جناتك، اللهم أدخلنا الجنّة بعفوك وغفرانك، اللهم أدخلنا الجنّة من غير حسابٍ ولا سابقة عذابٍ، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم إنّا نسألك علمًا نافعًا وعملًا متقبَّلًا، وصل اللهم على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:1
- ↑ سورة آل عمران، آية:185
- ↑ حامد إبراهيم (20/1/2018)، "خطبة عن(الطريق إلى الجنة)"، خطب الجمعة لحامد إبراهيم، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4744، صحيح.
- ↑ عبد الله الطيار (10/2/2019)، "خطبة بعنوان: (الطريق إلى الجنة)"، الموقع الرسمي أ.د. عبدالله الطيار، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022. بتصرّف.
- ↑ حسن السبيكي (6/5/2013)، "طريق الجنة"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:56