محتويات
خطبة عن جمال الطبيعة وإبداع الخالق
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، اتقوا الله عباد الله، إن الإنسان عندما يتأمل في هذا الكون، فإن قلبه يمتلئ بالفرح والسرور لجمال ما يراه من السماء الصافية والغيوم البيضاء والأزهار الملونة، فيتفكر بمن خلق هذا الجمال وصوره؟ إنه الله -جل وعلا- خالق كل شيء جميل، لا معبود سواه، هو الرازق عباده الكثير من النعم ظاهرها وباطنها.[١][٢]
الخطبة الأولى
إن الله خلق هذا الكون في ستة أيام، ونشر فيه نعمائه وآلائه سبحانه، فلا بد من كل إنسان أن يعرف قيمة نفسه وحقارة شأنه أمام قدرة الله جل وعلا، وأنه خرج هو والبول من مكان واحد، وأن أول خلقه نطفة وآخره جثة هامدة، فالأصل أن يتواضع لله الذي خلقه وصوره فأحسن خلقه ومهما يتطور العلم ويحقق العلماء الكثير من الإنجازات، فإن قدرة الله أعلى وأرفع فسبحانه هو من خلق العقل، وذلك يجب أن يكون سبيلاً في العودة إليه سبحانه وإطاعة أوامره.[٢]
الأدلة على إبداع الخالق
إن الدلائل والشواهد على الخالق واضحة جلية، فلا بد للقلب النقي أن يعقل خطاب مع كل قطرة ماء نازلة من السماء، وفي كل نبتة تنبت في الأرض، وفي كل سمكة تسبح في البحر، وإن تفكرنا في هذا كله كان سبباً لانعتاقنا من القيود التي تربطنا والأبواب التي أغلقت في وجوهنا، فقد قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}،[٣]وعندما خلق الله الذوق والإحساس الجمالي في الإنسان؛ أنعم عليه بهذا الشعور، فالنفس بحد ذاتها عبارة عن كتلة أحاسيس ومشاعر يلفتها كل ما هو جميل، وعند الحديث عن الجمال؛ أول ما يتبادر إلى ذهن الإنسان الطبيعة الخلابة، من الحدائق البهية كثيرة الألوان والبحار والمحيطات والسهول والوديان وأشعة الشمس المتوهجة والسماء الصافية والقمر المنير والكواكب تزين السماء.[١]
استشعار الجمال
والإنسان يستشعر الجمال من خلال الحواس التي خلقها الله له؛ كالعين والأذن وغيرها من حواس، وجميع خلق الله جميل، فهذا الكون كأنه عقد نضيد بسمائه وأرضه ونجومه وبحاره ومحيطاته، وهذا الحيوان بجميع أنواعه في البر والبحر وفي الجو، وهذا الإنسان الذي خلق الله فأحسن خلقه، وجعل له العينين اللتين تبصران كل هذا الجمال في الطبيعة، وفي الكون وفي الإنسان، فكل ذلك الجمال في الوجود ليدلك على جمال الخالق (الجميل).[١]
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسول الهدى، وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة يقول رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ، ويحبُّ أن يَرى أثرَ نعمتِه على عَبدِه، ويُبغِضُ البؤسَ والتَّباؤسَ)،[٤] فاحمدوا الله على نعمه وآلائه العظيمة، فقد صوركم في أحسن صورة، وأعطاكم الصحة والعافية، وأسبغ عليكم لباس الأمن والسلامة، وأكرمكم بالإسلام، وفضلكم على كثير من الناس فأدوا حق هذه النعم، واشكروا الله -تعالى- عليها، فسبحان من أبدع الجمال ووصفه لنفسه -تبارك وتعالى-، وهو الذي قال في محكم كتابه: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِيْ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}،[٥] وقال -تعالى-: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}،[٦] فينبغي على المؤمن أن يتأمل في آيات الله الدالة على كمال قدرته، ليقدره حق قدره، فهو القادر على كل شيء، وهو وحده المتصرف في جميع الشؤون والأحوال، فقد قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}،[٧] وقال سبحانه: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}،[٨] وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.[٩][١٠]
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دين الإسلام ويهدينا الصراط المستقيم.
المراجع
- ^ أ ب ت طارق البرغوثي (24/5/2017)، "الــذوق الـجـمـالـي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب أسامة طبش (27/6/2013)، "عظمة الخالق"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:191
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1742، صحيح.
- ↑ سورة النمل، آية:88
- ↑ سورة لقمان، آية:11
- ↑ سورة يس، آية:82
- ↑ سورة القمر، آية:50
- ↑ سورة الزمر، آية:67
- ↑ د. أمين بن عبد الله الشقاوي (25/12/2014)، "قدرة الله تعالى"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.