خطبة عن حديث (من عادى لي وليًا)

كتابة:
خطبة عن حديث (من عادى لي وليًا)

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اصطفى من عباده الصالحين عباداً فجعلهم أولياء، وجعل لهم القبول بين أهل الأرض والسماء، وكتب على نفسه -سبحانه- أنه مَن عاداهم فهو عنده من الأعداء الأشقياء.

وأشهد أن سيدنا وشفيعنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، إمام الأتقياء، وسيد الأولياء، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الوصية بتقوى الله

أوصيكم عباد الله بتقوى الله -عزَّ وجلَّ-؛ فهي وصية الله -سبحانه- للأوائل والأواخ،ر وبها تسمو المشاعر، وتحيا الضمائر، وبها النجاة يوم تبلى السرائر، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلاَّ من أتى الله بقلب سليم.

قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)،[١] وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[٢]

الخطبة الأولى

عباد الله، يقول الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[٣] يبيّن الله -عز وجلَّ- في هذه الآيات صفات أوليائه الصالحين الذين هم أنصاره، والذين آمنواْ به الله وكانوا يتقونه.[٤]

وما أعدّ لهم -جل جلاله- بأنهم لا خوف عليهم يوم القيامة من عقابه؛ لأنه رضي عنهم فآمنهم من عقابه، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا،[٤]وأولياء الله: هم الذينَ إذا رُؤوا ذُكِر الله لرؤيتهم،[٥] هؤلاء الأولياء الذين توعَّد الله -سبحانه وتعالى- من يعاديهم بالحرب.[٦]

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ)،[٧] فانظروا إخواني في الله ما أَعْظَمَ مَنْزِلَةَ أَوْلِياءِ اللهِ -تعالى-!؛ حينما يُنْذِرُ الله -تعالى- من عاداهم بالحرب؛ أي من عاداهم بسبب صلاحهم، أو عبادتهم، أو دعوتهم، أو جهادهم،[٦] فبالله عليكم من يقدر على معادة الله، أو محاربته؟، وأنَّى لقوةٍ في الأرض أو في السماء، أو فيهما (افتراضاً) أن تقدر على محاربة الله؟!.

وأنَّى لقلب لديه مسكةٌ من عقل أو به قطرةٌ من دم، أن ينصِّبَ نفسَه لمواجهة مثل هذا الوعيد، وهذه الحرب المعلنة من قِبَل قيوم السماوات والأراضين؟، من له جنود السموات والأرض؟، وأنَّى للنفس الضعيفة المسكينة المغلوبة على أمرها؛ التي خُلق من يحملُها من نطفة صغيرة، وآخره يعود جيفةً ميتة، أن يعرِّض نفسه لعقوبة الله؟.[٨]

كما وحذَّر -سبحانه وتعالى- من إيذاء أو معاداة أو ظلم أوليائه؛ بأي نوع من أنواع الإيذاء، أو الظلم سواءً بالقولِ أو الفعل، أو الهمز واللمز، والغيبة والنميمة، ونحو ذلك، فإخبارُه -سبحانه وتعالى- بتولِّي أولئكم مؤذناً بمحاربته -سبحانه- لمن آذاهم أو ضارَّهم.

عباد الله اتقواْ الله، واعملوا صالحاً، وأطيعواْ ربكم حتى تكونوا من أوليائه وخيرة خلقه، ووالوا أولياءَه، وعادوا أعداءَه، حتى تكونوا من أهل ولايته، الذين لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، بارك الله لكم بالقرآن العظيم، ونفعكم بهدي سيد المرسلين، واستغفروا ربكم من كل ذنب عظيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، أحمده -سبحانه وتعالى- فهو المستحق للحمد والثناء، وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن واله، أما بعد:

إخواني إن الحب في الله، والبغض في الله من أعظم صفات أولياء الله، فمن أحب لله وأبغض لله كان من أوليائه، وحزبه المفلحين.[٩]وكما قلنا إنَّ أولياء الله هم خيرة خلقه؛ فليحذر المرء كل الحذر من أن يؤذي أولياء الله، وليبتعد كلَّ البعد عما يضرُّهم أو يظلمهم ويعنِّتهم؛ فمن آذى أولياء الله فقد آذى الله، ومن أغضبهم فقد أغضب الله، ومن عاداهم فقد بارز الله بالمحاربة، وألقى على نفسه غضب الله -سبحانه وتعالى-.

الدعاء

  • اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
  • اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين، وعبادك المتقين، وأوليائك المفلحين؛ الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
  • اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
  • اللهم تولنا فيما توليت به عبادك الصالحين، وحزبك المتقين، واجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين.
  • اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين على الحق يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم انصر دينك وكتابك، وسنَّة نبيك يا قوي يا عزيز.
  • اللهم فرِّج همَّ المهمومون من المسلمين، ونفس كرب المكروبين من المسلمين.
  • اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا أرحم الراحمين.

عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:102
  2. سورة النساء، آية:1
  3. سورة يونس، آية:62
  4. ^ أ ب أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، صفحة 118. بتصرّف.
  5. مركز الدراسات والمعلومات القرآنية، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 102.
  6. ^ أ ب "من عادى لي وليا"، ملتقى الخطباء، 21/2/2019، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502.
  8. "معاداة أولياء الله"، الجمهرة، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022. بتصرّف.
  9. محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي الحنبلي، الآداب الشرعية والمنح المرعية، صفحة 130. بتصرّف.
5098 مشاهدة
للأعلى للسفل
×