خطبة قصيرة عن التقوى

كتابة:
خطبة قصيرة عن التقوى


مقدمة الخطبة

الحمد لله الملك المعبود، الذي يُعطي ويمنُّ ويجود، واهب الحياة لمن يشاء، وخالق الوجود، -سبحانه وتعالى- تفردّ بالوحدانية، وأُولو العلمِّ وملائكته على ذلك شُهود، فالحمد لله لا نُحصي ثناءً عليه -جلّ وعلّا-، كما أثنى هو على نفسه، نحمده سبحانه أن جعل التّقوى طريقاً من طُرق الفلاح، وباباً من أبواب النّجاح، ومصدراً لكل سعادةٍ وهناء، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بوجهه الكريم من كلّ فكرٍ محدود، وقلبٍ مسدود، وذهنٍ مكدود، ونسأله -سبحانه وتعالى- الهداية لما يُحبِّه ويرضاه، وأن يجعلنا من عباده الأتقياء الأنقياء، فمن يَهده الله فلا مُضلّ له، ومن يُضلل فلا هاديّ له، وخير الهدي هدي رسول الله، خير من اتقى الله، والصَلاة والسَلام على نبينا الحبيب وعلى آله وصحبه وسلم.[١][٢][٣].



الوصية بتقوى الله تعالى

عباد الله: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأُحذّركم من عصيان أوامره ومخالفة هديه، فهو القائل في كتابه العزيز: (يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ واتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ)،[٤] ولتعلموا إخواني الأعزّاء أنَّ خير الوصايا هي الوصية بتقوى الله -سبحانه وتعالى-، وأنَّ التقوى وصية الله -سبحانه وتعالى- لعباده الأولين والآخرين، وتتحقّق التّقوى بطاعة الله في كل ما أمر، والّتقرب إليه بالعبادات، وبذل الجهد في الابتعاد عن المنكرات، طمعاً في الثّواب منه -سبحانه-، وخوفاً من العقاب، فأطيعوا الله عباد الله، وراقبوه في أقوالكم وأفعالكم، واجعلو مراقبتكم له -سبحانه- في كُلِّ وقت وفي كلّ وحين.[٥]



الخطبة الأولى

أيّها الأخوة الفضلاء: إنَّ التّقوى فضيلةٌ علينا التّمسك بها جميعاً، فما هي التّقوى يا كِرام؟ وكيف نكون من المُتقين الفائزين؟ فلتعلموا يا إخوة الإسلام أنَّ التقوى تتجلَّى باستشعار العبد لمُراقبة ربّه -سبحانه وتعالى-، ليخشاه بعد ذلك، ويخافُ من غضبه، ولذلك فالتقيّ منّا هو من يُطيع الله ويجتنب معصيته، ويستعد لِيوم لقائه، وجديرٌ بالذكر أنَّ التقوى تُرافق صاحبها في قبره، وتُؤنسه في وحشَته، وتُنجّيه من عذاب الله -تعالى- يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ولا ننسى أيضاً أنّ لِتقوى الله فضلٌ عظيم على المسلم في الحياة الدُّنيا قبل الآخرة؛ فهيّ خيرُ ضمان لِحفظ أولادنا وذُرّياتنا من بعدنا، ألم تسمعوا قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّـهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).[٦][٧][٨]



فتقوى الله يجمع المسلم فيها خيري الدّنيا والآخرة، وأساس التقوى قائمٌ على التوبة النّصوح لله -تعالى-، والإنابة إلى علّام الغيوب، والقيام بحقوق الله -تعالى- وحقوق عباده كاملةً دون نقصان، وثواب التقيّ يا فضلاء ثوابٌ لو تعلمون عظيم؛ إذ إنَّ الله -تعالى- يجعل له المكانة الرفعية يوم القيامة بأن يكون فوق الناس، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،[٩] والتقيّ هو من يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية؛ فلا يقرب ممّا يغضبه، وينأى بنفسه عن أماكن المعصية والفجور، ويتواجد في كل مكان يُحب أن يراه الله -تعالى- فيه.



ألا عباد الله: قد تتساءلون كيف نكون من المُتقين؟ فلتعلموا أعزائي أنَّ التقوى إنّما تكون بمجاهدة النفس أولاً، سراً وعلانيةً، وثانياً بجعل الخوف والخشية من الله -سبحانه وتعالى- منهاجاً لِحياتنا، وعلينا أن نتذكّر دائماً وأبداً بأنَّ التقوى تحمينا من الوقوع في الذنوب والمعاصي، وبها يرحمنا الله ويغفر لنا ذنوبنا، وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ من يتقِ الله ينال رحمته، ويُفرّج الله همّه، كما أنَّ التقوى سببٌ من أسباب تيسير الأمور، وذهاب الأحزان والهموم، وتفريج المحن والكروب، وقد جاء في ذلك قوله -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).[١٠][١١]



معشر المسلمين: فلنسأل الله تعالى- أن يمنّّ علينا بالتقوى؛ فقد أعدّ الله -سبحانه وتعالى- لِعباده المتقين جنات النعيم، وسيرزقهم من خيري الدنيا والآخرة، وسيَقيهم السيئات، ويجزيهم الخير، وقد وصانا رسولنا الكريم بتقوى الله وحثنا عليها، وكان يُلازمها في دعائه -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن ذلك قوله: (اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمْحُها، وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسنٍ).[١٢] وخيرُ التقوى يا أفاضل عاجل، وبِرّها آجل، ومن يَتقّ الله ينال محبته ورضاه، ويبقى في معيته وحفظه، فنسألك اللهمّ أن تجعلنا من عبادك الأتقياء والأوفياء المقبولين عندك.



الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الكِرام، تحدثنا عن أهمية التقوى وثوابها، ونُّذكر أنفسنا وإياكم بأنّ تقوى الله -تعالى- لا تتحقّق إلا بطاعته فيما أمر، والابتعاد عمّا نهى وزجر، ولا ننسى أن نخبركم بأنَّ التقوى فيها شكرٌ لله -تعالى- على كل ما أنعم وتفضّل، وأنَّ التقيّ هو من يخاف الجليل، ويعمل بالتنزيل من العليّ الكريم، ويقنع بالذي أعطاه إياه الله وإن كان قليل، ويستعدّ دوماً لِيوم الرّحيل، فهذا الذي يغنم ثواب المتّقين، لذا لنحرص جميعاً على أن نكون من عباد الله المتقين.[١٣][١٤]



الدعاء

  • اللهمّ اغفر لنا ذنوبنا، وارحمنا وعافنا واعفُ عنّا، نسألك اللهمّ أن تُدخلنا الجنَّة، وتُنجّينا من النار، وتجعلنا من عبادك المتقين الأخيار، وأن تُرشدنا لطريق التقوى وتهدينا إليه، وأن تمنّ علينا بالهداية والصلاح.
  • ربنا أصلح لنا شأننا كله يا جبَّار، اللهمّ إنّا نستغفرك من كلّ الذنوب التي تُبنا منها ثمّ عدنا إليها، اللهمّ إنا نستغفرك ونتوب إليك من كلّ شيءٍ خالطنا به ما ليس لك، ونستغفرك من الذنوب التي لا يعلمها إلا أنت.
  • ربنا هب لنا من أزواجنا وذُرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، اللهمّ يا غفور يا حليم لاتجعلنا ننشغل بغيرك عنك، ولا نخشى أحداً غيرك، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وأتوب إليه.[١٥][١٦]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:867.
  2. "كتاب موضوعات خطبة الجمعة 7-11-17"، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 26/6/2021. بتصرّف.
  3. أحمد أحمد سلطان (6/3/2016)، "27 مقدمة من أروع مقدمات الخطب"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26/6/2021. بتصرّف.
  4. سورة الحشر، آية:18
  5. "[الوصية بتقوى الله والتذكير بنعمة الإسلام والتحذير من بأس الله ومن مفارقة الجماعة"]، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 26/6/2021. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية:9
  7. عبد الرحمن بن ناصر السعدي (11/5/2009)، "خطبة قصيرة عن التقوى"، الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  8. أمير بن محمد المدري، "مع التقوى والمتقين"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية:212
  10. سورة الطلاق، آية:3-2
  11. الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي (1/10/2018)، "خطبة عن التقوى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  12. رواه الألباني ، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:5012 ، حسن.
  13. "ماذا لك إذا اتقيت الله؟"، الموقع الرسمي للشيخ محمد صالح المنجد، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  14. د. أمير بن محمد المدري (10/12/2019)، "خطبة عن التقوى والمتقين"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  15. "كتاب فضل يوم التروية وعرفة-40"، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
  16. "كتاب جامع الأحاديث-143"، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 27/6/2021. بتصرّف.
10743 مشاهدة
للأعلى للسفل
×