خطبة قصيرة عن الصلاة على النبي

كتابة:
خطبة قصيرة عن الصلاة على النبي

مقدمة الخطبة

الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي أرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، الحمد لله الذي أمرنا بالاقتداء بسيد الأبرار، وجعل بالصلاة عليه أجراً عظيماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ إلهًا واحدًا فردًا صمدًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أكمل البشر خُلُقًا وخَلقا، وصلوات ربّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.[١]

الوصية بتقوى الله

عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله -عز وجل- في السر والعلن، قال الله -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).[٢]

الخطبة الأولى

أيّها الأحبة في الله، حديثنا اليوم عن عبادةٍ عظيمةٍ يغفل عنها العديد من المسلمين، ألا وهي الصلاة على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد أجاد الشاعر حين قال:[٣]

حب النَّبِي على الْأَنَام فَرِيضَة

وَلَا تنس ذكر الْهَاشِمِي الأكرم

إِن الصَّلَاة على النَّبِي وَسِيلَة

فِيهَا النجَاة لكل عبد مُسلم

صلوا على الْقَمَر الْمُنِير فَإِنَّهُ

نور تبدى فِي الْغَمَام المظلم

أيها الإخوة الأكارم، أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بالصلاة والسلام على نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[٤]

واعلموا -أيّها الإخوة- أن للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فضائل كثيرة لا يمكن حصرها، ومن هذه الفضائل:[٥]أنّ الله يرفع العبد بها عشر درجات ويحطّ عنه عشر سيئات، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ).[٦]

وبالصلاة على النبي يكسب المسلم عشر صلوات من الله -عز وجل-، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا).[٧] وكما أنّ الصلاة على النبي سبب في القرب من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي الحديث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أَوْلى النَّاسِ بي يومَ القيامةِ أكثَرُهم علَيَّ صلاةً).[٨]

والصلاة على النبي سبب لرد النبي -صلى الله عليه وسلم- السلام على المصلي والمسلم عليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ).[٩]

ومَن منّا لا يرجو استجابة دعائه -إخواني الكرام-، فهي والله فضيلة أيضاً بالصلاة على النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فعن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- قال: سمعَ النَّبيُّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ رجلًا يدعو في صلاتِهِ فلم يصلِّ على النَّبيِّ -صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ-، فقالَ النَّبيُّ -صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ-: (عجِلَ هذا، ثمَّ دعاهُ فقالَ لَهُ أو لغيرِه: إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ اللَّهِ والثَّناءِ عليهِ، ثمَّ ليصلِّ على النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم- ثمَّ ليدعُ بعدُ ما شاءَ).[١٠]

معشر المسلمين، لقد ثبتت العديد من الأحاديث التي تبين الصيغ المستحبة في الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومنها ما جاء عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: يا رَسولَ اللَّهِ، أمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكيفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قالَ: قُولوا: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[١١]

وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- قال: يَا رَسولَ اللَّهِ كيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُولوا: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[١٢]

اللهم صلِّ وسلم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وآله وصحبه أجمعين، وأقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أَنفسنا، وسيئات أَعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأِشهد أن لا إِله إِلا الله، وأَشهد أَن محمدا عبده ورسوله.[١٣]

أيها الإخوة الأفاضل، ذهب كثير من العلماء إلى أن معنى صلاة الله على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو: الثناء عليه في الملأ الأعلى، وأما صلاة الملائكة والعباد عليه فتعني: الدعاء له والترحم عليه.[١٤]

أيها الأحبة في الله، فلنكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة، فعن أوس بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِن أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ، فيهِ خُلِقَ آدمُ، وفيهِ قُبِضَ، وفيهِ النَّفخةُ، وفيهِ الصَّعقةُ، فأَكْثروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ، فإنَّ صلاتَكُم مَعروضةٌ عليَّ، قالوا: وَكَيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرِمتَ؟ فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ على الأرضِ أن تأكُلَ أجسادَ الأنبياءِ).[١٥]

الدعاء

أيها الإخوة الأفاضل، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:

  • (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[٤]
  • (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[١١]
  • (رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتي رَبَّنا وَتَقَبَّل دُعاءِ).[١٦]

عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المراجع

  1. عبدالرحمن السعدي (3/5/2020)، "خطبة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.
  2. سورة الأحزاب، آية:70-71
  3. ابن الجوزي، بستان الواعظين ورياض السامعين، صفحة 304.
  4. ^ أ ب سورة الأحزاب، آية:56
  5. شحاتة صقر، الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضلها ومعناها وكيفيتها ومواضعها والتحذير من تركها، صفحة 20-26. بتصرّف.
  6. رواه النسائي، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1296، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:384، صحيح.
  8. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:911، صحيح.
  9. رواه أبي داود، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2041، حسن.
  10. رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن فضالة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:3477، صحيح.
  11. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بت عجرة، الصفحة أو الرقم:4797، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:3369، صحيح.
  13. ابن القاسم، حاشية الروض المربع، صفحة 244.
  14. المرداوي، التحبير شرح التحرير، صفحة 69. بتصرّف.
  15. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن أوس بن أوس، الصفحة أو الرقم:218، صحيح.
  16. سورة إبراهيم، آية:40
6157 مشاهدة
للأعلى للسفل
×