خطبة قصيرة عن صلاة الجمعة

كتابة:
خطبة قصيرة عن صلاة الجمعة

مُقدمة الخطبة

الحمد لله الذي اصطفى لمحبته الأخيار، فصرف قلوبهم إلى طاعته ومرضاته آناء الليل وأطراف النهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقلب القلوب والأبصار، الحمد لله الذي أمرنا بصلاة الجُمعة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الأخيار، ومن سار على نهجهم ما أظلم الليل وأضاء النهار.

الوصية بالتقوى

عباد الله، أوصيكم ونفسي المُقصرة بتقوى الله ولُزوم طاعته، وأُحذركم ونفسي من مُخالفته وعصيان أوامره؛ لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللّـهِ شَدِيدٌ).[١]

الخطبة الأولى

معاشر المُسلمين، اعلموا أن الله -تعالى- قد خصكم بيوم الجُمعة، وشرع لكم الاجتماع فيه؛ لتسود بينكم المودة والتآلف، والتعارف والتعاون، وأوجب الله -تعالى- فيه صلاة الجُمعة؛ لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٢] فيُسن قبلها الاغتسال، والذهاب إليها باكراً.[٣]

وجعل الله -تعالى- يوم الجُمعة خير يومٌ في الأُسبوع؛ لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ)،[٤] ولذلك جعل الإسلام له العديد من الفضائل والأحكام؛ التي لا يُشاركه به غيرها من أيام الأُسبوع، ومن ذلك: أنه جعل فيه صلاة الجُمعة، وهي صلاة تؤدى ركعتين.[٥]

وقد أوجبها على كُل مسلم؛ ذكراً، بالغاً، عاقلاً، مُقيماً، ولا تجب صلاة الجُمعة على المرأة، أو المريض، أو الصبي الصغير، أو المُسافر، ولكن إن أداها الشخص الذي لا تجب عليه؛ فتصح صلاته وتُجزأه، وأمّا المُسافر إن نزل مكاناً يُصلى فيه الجُمعة، فإنها تُصبح واجبةً عليه.[٥]

وصلاة الجُمعة جماعة تُغني عن أربع ركعات صلاة الظُهر، ويحرم على الشخص تركها من غير عّذر، ومن تركها ثلاث مراتٍ مُتهاوناً بأدائها طبع الله -تعالى- على قلبه، ويبدأ وقتها من بعد زوال الشمس إلى آخر وقت صلاة الظُهر، وأجاز بعض الفُقهاء أداءها قبل الزوال، ومن شُروطها: أن تؤدى في وقت صلاة الظُهر، وأن تكون بحضور ما لا يقل عن ثلاثة رجالٍ من أهل البلد، وأن يسبقها خُطبتين.[٥]

وينبغي للمُصلي أن يغتسل ويتطيب، ويلبس الجميل من الثياب عند ذهابه إلى صلاة الجُمعة، كما يُستحب أن يذهب إليها مُبكراً، وينشغل بالصلاة وقراءة القُرآن وذكر الله -تعالى-، وقد أمر الله -تعالى- المؤمنين في يوم الجُمعة بالسعي إلى الصلاة وحُضور خُطبتها.[٦]

وأجمع المُسلمون على وجوبها وفرضيتها، وحذر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- من تركها أو التهاون بها، ومن أراد السفر في هذا اليوم فلا يجوز له السفر بعد الأذان حتى يُصليها؛ لأنها وجبت في حقه وهو لا يزال مُقيماً.[٦]

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوكل عليه، ونُثني عليه الخير كُله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمداً عبده ورسوله، اللهم صل عليه وعلى آله وصحابته وسلم.

عباد الله، اعلموا أن الله -تعالى- قد جعل لكم في هذا اليوم العظيم يوم الجُمعة صلاةً تؤدونها؛ يستوي الناس فيها جميعًا، وتزول جميعُ الفوارق والاعتبارات الدنيوية؛ فالجميع يقفون في صفوف متراصَّةٍ متساويةٍ.[٧]

يركعون ويسجدون جنبًا إلى جنب، وجبهةً إلى جبهةٍ، تحتَ قيادة إمام واحدٍ، ويتجهون إلى معبودٍ واحدٍ، ويلتقون حول هدف واحد، ولذلك راعى الإسلام، ووضع آداباً وأحكاماً خاصةً بصلاة الجمعة، كالغُسل والتطيب ولبس الجميل من الثياب.[٧]

الدعاء

  • اللهم اغفر لنا ذُنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
  • اللهم إنّا نسألك الهُدى والتُقى، والعفاف والغنى، ونعوذ بك من الكُفر والفقر، ومن عذاب القبر وعذاب النار.
  • اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قُلوبنا، وكره إلينا الكُفر والفُسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين.
  • اللهم اجعل تجمعنا هذا تجمعاً مغفوراً.
  • اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا مبتلاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا إلى أهله سالماً غانماً رددته، ولا حاجة من حوائج الدنيا لك فيها رضى ولنا فيها صلاح إلا قضيتها لنا يا رب العالمين.
  • اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
  • اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

عباد الله، إن الله يأمركم بالعدل والإحسان، وينهاكم عن الفحشاء والمُنكر، يعظكم لعلكم تذكرون، سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلامُ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

المراجع

  1. سورة الحج، آية:1-2
  2. سورة الجمعة، آية:9
  3. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة 1)، السعودية:وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، صفحة 46. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:854، صحيح.
  5. ^ أ ب ت محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة 11)، السعودية:دار أصداء المجتمع، صفحة 519-520. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد العثيمين (1988)، الضياء اللامع من الخطب الجوامع (الطبعة 1)، السعودية:الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 711، جزء 9. بتصرّف.
  7. ^ أ ب عبد الله العلوي الشريفي، "فضل صلاة الجمعة"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 27/2/2022. بتصرّف.
5353 مشاهدة
للأعلى للسفل
×