محتويات
أبيات شعرية حزينة
فيما يأتي مجموعة من الأبيات الشعرية الحزينة:
قصيدة بدر شاكر السياب
- وتحسّ بالأسف الكظيم لنفسها: لِمَ تُستباحْ؟
- الهر نام على الأريكة قربها لم تستباحْ؟
- شبعان أغفى، وهي جائعة تلمّ من الرياحْ
- أصداء قهقهة السكارى في الأزِقَّة، والنباحْ
- وتعدّ وقع خُطًى هنا وهناك ها هو ذا زبونْ
- هو ذا يجيء، وتشرئب، وكاد يلمس… ثم راحْ
- وتدق في أحد المنازل ساعة لِمَ تستباحْ؟
- الوقت آذن بانتهاءٍ والزبائن يرحلونْ
- لِمَ تستباح وتستباح على الطوى؟ لِمَ تستباحْ؟
- كالدرب تذرعه القوافل والكلاب إلى الصباحْ؟
- الجوع ينخر في حشاها، والسكارى يرحلونْ
- مرُّوا عليها في المساء، وفي العشية ينسجونْ
- حلمًا لها هي والمنونْ
- عصبات مهجتها سداه وكل عوق في العيونْ
- والآن عادوا ينقضونْ
- خيطًا فخيطًا من قرارة قلبها ومن الجراحْ
- ما ليس بالحلم الذي نسجوه، ما لا يدركونْ
- شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفونْ
- هو منه أكثر كالحفيف من الخمائل والرياحْ
- والشعر من وزنٍ وقافية ومعنى، والصباحْ
- من شمسه الوضاء… وانصرفوا سكارى يضحكونْ!
- فليرحلوا. ستعيش، فهي من السعال ومن عماها
- أقوى، ومن صخب السكارى
- فامضِ عنها يا أساها!
- ستجوع عامًا أو يزيد، ولا تموت، ففي حشاها
- حقدٌ يؤرِّث من قواها
- ستعيش للثأر الرهيبْ
- والداء في دَمِهَا وفي فمها ستنفث من رداها
- في كل عرق من عروق رجالها شبحًا من الدَّمِ واللهيبْ
- شبحًا تخطَّف مقلتيها أمس، من رجلٍ أتاها
- ستردّه هي للرجال، بأنهم قتلوا أباها
- وتلقَّفُوها يعبثون بها وما رحموا صباها
- لم يبتغوها للزواج لأنّها امرأة فقيرهْ
- واستدرجوها بالوعود لأنها كانت غريرهْ
- وتهامس المتقوِّلون فثار أبناء العشيرهْ
- متعطشين - على المفارق والدروب - إلى دماها
- وكأن موجة حقدها وأساها
- كانت تقرِّب من بصيرة قلبها صورًا علاها
- صدأ المدينة وهي ترقد في القرارة من عماها
- كل الرجال؟ وأهل قريتها؟ أليسوا طيبينْ؟
- كانوا جياعًا - مثلها هي أو أبيها - بائسينْ
- هم مثلها - وهم الرجال - ومثل آلاف البغايا
- بالخبز والأطمار يؤتَجرون، والجسد المهينْ
- هو كل ما يتملَّكون، هم الخطاة بلا خطايا
- وهم السكارى بالشرور كهؤلاء العابرينْ
- من السكارى بالخمور… كهؤلاء الفاجرين بلا فجورْ
- الشاربين - كمن تضاجع نفسها - ثمن العشاءْ
- الدافنين خروق بالية الجوارب في الحذاءْ
- يتساومون مع البغايا في العشي على الأجورْ
- ليوفروا ثمن الفطورْ!
- ليس الذين تغصَّبوها من سلالة هؤلاءْ
- كانوا كآلهةٍ مقطَّبة الجباه من الصخورْ
- تمتصّ من فزع الضحايا زهوها ومن الدماءْ
- متطلعين إلى البرايا كالصواعق من علاءْ!
- وتحسّ، في دمها، كآبة كلّ أمطار الشتاءْ
:من خفق أقدام السكارى، كالأسير وراء سورْ
- يصغي إلى قرع الطبول يموت في الشفق المضاءْ
- هي والبغايا خلف سورٍ، والسكارى خلف سورْ
- يبحثن هنَّ عن الرجال، ويبحثون عن النساءْ
- دميتْ أصابعهن تحفر والحجارة لا تلينْ
- والسور يمضغهن ثم يقيئهن ركام طينْ
- نصبًا يخلِّد عار آدم واندحار الأنبياءْ
- وطلول مقبرةٍ تضم رُفَات "هابيل" الجنينْ!
- سور كهذا، حدَّثوها عنه في قصص الطفولهْ
- "يأجوج" يغرز فيه - من حنقٍ - أظافره الطويلهْ
- ويعض جندله الأصم، وكف "مأجوج" الثقيلهْ
- تهوي، كأعنف ما تكون على جلامدهِ الضخامْ
- والسور باقٍ لا يُثَلُّ وسوف يبقي ألف عامْ
- لكن "إن شاء الإلهْ"
- طفلًا كذلك سمياهْ
قصيدة فاروق جويدة
- تاهت خطاي عن الطريق
- لا ضوء فيه.. ولا حياة.. ولا رفيق
- والبيت.. أين البيت؟!
- قد صار كالأمل الغريق
- وعواصف الأيام تقتلع الجوانح
- بالأسى الدامي.. العميق
- وتلعثمت شفتاي قلت لعلني
- أخطأت.. في الليل الطريق
- وسمعت صوت الليل يسري.. في شجن:
- قدماك خاصمتا الطريق
- رحل الرفاق أيا صديقي من زمن
- يا ليل..
- يا من قد جمعت على جفونك شملنا
- يا من نثرت رياض دفئك حولنا
- وحملت أنسام الربيع رقيقة
- سكرى لترقص.. بيننا
- أتراك تذكر من أنا؟
- أنا صاحب البيت القديم
- يومًا تركت لديك حبًا عاش مفتون.. المنى
- وسمعت صوت الليل يسري.. في شجن
- رحل الرفاق أيا صديقي من زمن
قصائد إيليا أبو ماضي
- إنّني أشهد في نفسي صراعاً وعراكاً
- وأرى ذاتي شيطاناً وأحياناً ملاكاً
- هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكاً
- أم تراني واهماً فيما أراه؟
- لست أدري!
- بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل
- فيه أزهار وأطيار تغني وجداول
- أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل
- كيف صار القلب روضاً ثمّ قفراً؟
- لست أدري!
- أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير
- أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير
- أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير
- كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟
- لست أدري!
كما قال إيليا أبو ماضي أيضًا:
- أيها الشاكي وما بك داء
- كيف تغدو إذا غدوت عليلاً
- إنّ شر الجناة في الأرض نفس
- تتوخى قبل الرحيل الرحيلا
- وترى الشوك في الورود وتعمى
- أن ترى فوقها الندى إكليلاً
- هو عبء على الحياة ثقيل
- من يظن الحياة عبئاً ثقيلاً
- والذي نفسه بغير جمال
- لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً
- ليس أشقى ممن يرى العيش مراً
- ويظن اللذات فيها فضولاً
- أحكم الناس في الحياة أناس
- عللوها فأحسنوا التعليلا
- أيا هذا الشاكي وما بك داء
- كن جميلا ترَ الوجود جميلاً
وقال أيضًا:
- قالَ: السماءُ كئيبةٌ وتجهما
- قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما
- قال: الصبا ولّى فقلت له: ابتــسمْ
- لن يُرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما
- قال: التي كانت سمائي في الهوى
- صارَتْ لنفسي في الغرام جــهنّما
- خانت عـهودي بعدما ملكـتها
- قلبي، فكيف أطيق أن أتبســما
- قلـــت: ابتسم واطرب فلو قارنتها
- لقضيت عـمرك كله متألما
- قال: الـتجارة في صراع هائل
- مثل المسافر كاد يقتله الـظما
- أو غادة مسلولة محتاجة
- لدم، وتنفث كلما لهثت دما
- قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
- وشفائها، فإذا ابتسمت فربما
- أيكون غيرك مجرماً
- وتبيت في وجل كأنك أنت صرت المجرما؟
- قال: العدى حولي علت صيحاتهم
- أَأُسرُّ والأعداءُ حولي في الحمى؟
- قلت: ابتسم، لم يطلبوك بذمهم
- لو لم تكن منهم أجلّ وأعظما
- قال: المواسم قد بدت أعلامها
- وتعرضت لي في الملابس والدمى
- وعليّ للأحبابِ فرضٌ لازمٌ
- لكن كفّي ليس تملك درهماً